فرنسا بعد الانتخابات: مأزق سياسي وصعود اليمين المتطرف يثير قلقاً

فرنسا بعد الانتخابات: مأزق سياسي وصعود اليمين المتطرف يثير قلقاً

في كلمات قليلة

بعد الانتخابات الأوروبية والبرلمانية المفاجئة عام 2024، وجدت فرنسا نفسها في مأزق سياسي عميق. لم تتمكن أي من الكتل الرئيسية من تشكيل أغلبية، مما أدى إلى حالة من عدم اليقين وزيادة نفوذ اليمين المتطرف.


تشهد الساحة السياسية الفرنسية فترة غير مسبوقة من عدم اليقين بعد الانتخابات البرلمانية المفاجئة التي جاءت في أعقاب نتائج الانتخابات الأوروبية لعام 2024. هذه الدورة الانتخابية، التي وصفها الخبراء بأنها «تصويت بلا مخرج»، أدت إلى «اضطراب ديمقراطي» عميق ووضعت البلاد في مواجهة أزمة سياسية خطيرة.

القرار غير المتوقع للرئيس ماكرون بحل الجمعية الوطنية فوراً بعد الانتخابات الأوروبية شكل صدمة للقوى السياسية. هذه الخطوة، التي اتخذت بعد أقل من عام على الانتخابات السابقة، أدت إلى وضع فريد حيث تداخل تصويتان مختلفان بشكل وثيق، كاشفين عن مشاكل هيكلية عميقة في النظام السياسي الفرنسي.

أكدت نتائج كلتا الانتخابات تحولاً كبيراً نحو اليمين المتطرف واليسار الراديكالي. في الانتخابات الأوروبية، حقق حزب «التجمع الوطني» بزعامة مارين لو بان فوزاً ساحقاً (حاصداً، وفقاً لبعض البيانات، أكثر من 31% من الأصوات)، مما عزز موقفه كقوة سياسية رائدة. هذا النجاح هو الثالث على التوالي للحزب في الانتخابات الأوروبية.

الانتخابات البرلمانية التي تلتها، والتي كان من المفترض أن تحل الوضع، لم تؤد إلا إلى تفاقم المأزق السياسي. على الرغم من أن «التجمع الوطني» حصل مرة أخرى على أكبر عدد من الأصوات والمقاعد كحزب منفصل، إلا أنه واجه حصاراً من قبل ما يسمى بـ «الجبهة الجمهورية» – تحالف غير رسمي ضد اليمين المتطرف. حقق التحالف اليساري، «الجبهة الشعبية الجديدة»، أيضاً مكاسب كبيرة في عدد المقاعد، لكنه لم يحصل على دعم كافٍ لتشكيل حكومة.

نتيجة لذلك، لم يتمكن أي من الكتل الرئيسية – معسكر الوسط التابع لماكرون، أو اليمين المتطرف، أو التحالف اليساري – من تشكيل أغلبية برلمانية مستقرة. يحتفظ معسكر الرئيس ببعض التأثير، لكن حيويته تعتمد إلى حد كبير على ديناميكيات رفض الأطراف المتطرفة واستخدام «الجبهة الجمهورية».

هذا الوضع ما بعد الانتخابي كشف عن هشاشة التوازن السياسي وأثار العديد من التساؤلات حول المستقبل. من بين القضايا التي تناقشها الدوائر الخبيرة، عدم اليقين بشأن المرشحين المحتملين في الانتخابات الرئاسية المستقبلية، وضرورة إيجاد مدخرات كبيرة في الميزانية لحل المشاكل الاقتصادية، وتعقيد التفاعلات بين استراتيجيات الأحزاب المختلفة.

على الرغم من محاولات مختلف القوى السياسية لإيجاد مخرج، لا يزال الوضع متوتراً للغاية. سيناريو «التصويت بلا مخرج»، كما وصف في أعمال العلوم السياسية، يعكس الحالة الراهنة للديمقراطية الفرنسية، التي تواجه تحديات الشعبوية، التشرذم، وعدم القدرة على تشكيل أغلبية واضحة.

نبذة عن المؤلف

إيلينا - صحفية تحقيقات ذات خبرة، متخصصة في المواضيع السياسية والاجتماعية في فرنسا. تتميز تقاريرها بالتحليل العميق والتغطية الموضوعية لأهم الأحداث في الحياة الفرنسية.