
في كلمات قليلة
يواجه نظام «دولة الرفاهية» الفرنسي، الذي يُنظر إليه كـ«بقرة مقدسة»، عجزاً مالياً متزايداً وتحديات تتطلب إصلاحات. يناقش الخبراء والسياسيون استدامة النموذج وتكلفة الدعم الاجتماعي الشامل، وسبل التكيف مع الواقع الاقتصادي.
يواجه نموذج «دولة الرفاهية» (État-providence) الفرنسي، الذي يوفر شبكة أمان اجتماعي شاملة للمواطنين من المهد إلى اللحد، تحديات كبيرة ونقاشات حادة. فبينما يعتبره الكثيرون مكوناً أساسياً للهوية الفرنسية و«بقرة مقدسة» لا تمس، تتزايد الأصوات التي تشير إلى مشاكله المتراكمة وعدم استدامته المالية، خاصة في ظل العجز المتزايد في ميزانية الضمان الاجتماعي.
يتناول المؤرخون والمحللون تاريخ هذا النظام بعين ناقدة، مسلطين الضوء على كيفية تحوله إلى موضوع تابو في النقاش السياسي. يرى البعض أن الحديث عن «انحراف نيوليبرالي» في فرنسا مضلل، فالواقع يشير إلى قوة دافعة نحو تعزيز دور الدولة في حياة المواطنين، مما يجعل الحديث عن التخلي عن هذا النموذج الشامل أمراً بالغ الصعوبة.
تتجلى التحديات الرئيسية في العجز المالي الكبير لنظام الضمان الاجتماعي (Sécu)، والذي يتوقع أن يصل إلى مليارات اليورو. تناقش الحكومة والجهات المعنية باستمرار سبل معالجة هذا العجز، بما في ذلك إصلاحات نظام التقاعد، وترشيد الإنفاق على الرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية. يطرح هذا الوضع تساؤلات حول القدرة على تمويل هذا النظام بسخائه الحالي على المدى الطويل، والعدالة بين الأجيال، حيث يتحمل العاملون الشباب عبئاً متزايداً لدعم معاشات المتقاعدين وغيرها من النفقات الاجتماعية.
يشير المحللون إلى أن النموذج الفرنسي، رغم مزاياه في توفير تغطية صحية واجتماعية واسعة للمواطنين بأقل تكلفة مباشرة عليهم في بعض الأحيان، يحتاج إلى إصلاحات هيكلية لضمان بقائه. تدور النقاشات حول كيفية الانتقال من «الاعتماد السلبي» على الدولة إلى «التضامن النشط» الذي يعزز مسؤولية المواطنين. يبقى مستقبل نظام الرعاية الاجتماعية الفرنسي وقدرته على الموازنة بين السخاء والاستدامة المالية محوراً رئيسياً للجدل السياسي والاجتماعي في البلاد.