
في كلمات قليلة
حادث مقتل مشرفّة في مدرسة بفرنسا يسلط الضوء مجدداً على مشكلة العنف والأسلحة البيضاء في المدارس. الحكومة الفرنسية تعد بإجراءات جديدة لمواجهة الظاهرة، لكنها تواجه انتقادات قوية من المعارضة بشأن فعاليتها.
بعد حادث مأساوي شهدته منطقة هوت مارن الفرنسية، حيث قُتلت مشرفّة في إحدى المدارس، تجد الحكومة الفرنسية نفسها تحت ضغط شديد وهجوم من المعارضة. وفيما تعدّ السلطة التنفيذية بمعالجة "آفة" الأسلحة البيضاء، تتهمها أحزاب اليمين بـ "اللامبالاة" تجاه تصاعد العنف، وتحديداً الرئيس إيمانويل ماكرون الذي يتهمه اليمين المتطرف بالتقليل من شأن هذه الحوادث.
هذا الحادث المروع يأتي بعد سلسلة من المآسي الأخرى التي وقعت داخل أو بالقرب من المؤسسات التعليمية، حيث يكون الضحايا والجناة في كل مرة من الشباب الصغار جداً. والسمة المشتركة دائماً هي استخدام الأسلحة البيضاء التي يبدو أن تداولها أصبح أمراً عادياً. وكان آخر هذه الحوادث في نهاية أبريل الماضي في مدينة نانت، حيث طعنت طالبة شابة على يد زميل لها أصاب ثلاثة آخرين أيضاً. أمام هذه "الظاهرة المتفشية"، بحسب تعبير السياسي فرانسوا بايرو، تواجه الحكومة خطر ترك الرأي العام يشعر بأسوأ شعور ممكن تجاه الحكام، وهو شعور بالعجز، بل وحتى عدم الجدوى.
لم يتأخر تسييس هذه المأساة بشكل حتمي. زعيمة اليمين المتطرف، مارين لوبان، تحدثت بنبرة جادة ورسمية لتوجيه اللوم إلى رئيس الوزراء في الجمعية الوطنية، معبرة عن غضبها من "غياب الرد السياسي" من جانبه. كما حرصت على استهداف إيمانويل ماكرون مباشرة، متهمة إياه بـ "الانفصال عن هذا الواقع الرهيب والوحشي". تعليقات وصفها الرئيس بأنها "غير نزيهة وبلا خجل". ترى مارين لوبان أنه بعد مأساة نوجين، لم تعد الكلمات، على الأقل كلمات السلطة التنفيذية، كافية.
لكنها هي نفسها لا تفتقر إلى الكلمات لتنتقد بشدة "الهمجيين" و "التوحش" و "نزع قدسية الحياة". وكل ذلك دون تقديم مقترحات ملموسة. اليمين المتطرف لا يحتاج إلى ذلك. يكتفي باللجوء إلى الخطاب العاطفي لطمأنة "جميع العائلات التي تعيش في قلق". مهمة الحكومة أكثر تعقيداً.
إلى جانب التعاطف مع الضحايا وذويهم، يجب على السلطة التنفيذية أن تجد إجابات فعالة. الحكومة ليست خاملة. والدليل على ذلك أن جريمة الثلاثاء وقعت بينما كانت حقائب الطلاب يتم فحصها بحضور الدرك، وهي إجراءات تفتيش عشوائية تم تفعيلها نهاية مارس الماضي بمذكرة من السياسي برونو ريتايلو.
بالإضافة إلى ذلك، أعلن فرانسوا بايرو عن حظر بيع الأسلحة البيضاء للقاصرين، وتجربة تركيب بوابات أمنية في مداخل بعض المؤسسات التي تواجه صعوبات. والأهم من ذلك، وعد بمعالجة مشكلة الصحة النفسية للشباب أخيراً، وهي زاوية ظلت مهملة في السياسات العامة. إيمانويل ماكرون يرغب هو الآخر في حظر شبكات التواصل الاجتماعي على من تقل أعمارهم عن 15 عاماً. كل هذه المسارات تهدف لمحاولة وقف موجة العنف التي تطال المؤسسات التعليمية. لقد فقدت العديد من المدن الأوروبية الكبرى أرواحاً مؤخراً، من لندن إلى زغرب أو براغ. ويوم الثلاثاء في غراتس بالنمسا، إحدى الدول العشر الأكثر أماناً في العالم وفقاً للمؤشر العالمي للسلام، أسفر إطلاق نار في مدرسة ثانوية عن مقتل 10 أشخاص وإصابة 12 آخرين بجروح خطيرة.