
في كلمات قليلة
تحليل تاريخي ودراسات حديثة تكشف عن وجود معاداة السامية في صفوف القوى اليسارية، متجاوزةً الارتباط التقليدي باليمين المتطرف. هذا يشمل جذوراً تعود إلى القرن التاسع عشر وظهورها في حوادث حديثة.
لطالما اعتبرت معاداة السامية ظاهرة مرتبطة باليمين المتطرف، لكن تحليلات تاريخية ودراسات حديثة تشير إلى وجود هذا العداء لليهود أيضاً في صفوف القوى السياسية اليسارية. هذه النظرة، التي تتحدى الاعتقاد الشائع بأن اليسار هو «معسكر الخير» ومن ثم بمنأى عن معاداة السامية، أصبحت موضوع نقاش متزايد في الفترة الأخيرة بناءً على إصدارات وبحوث جديدة.
يمكن تتبع أصول العلاقة بين الأفكار اليسارية ومعاداة السامية إلى القرن التاسع عشر. من المعروف أن كارل ماركس نفسه، وهو من أصل يهودي، انتقد في كتابه «في المسألة اليهودية» عام 1844 العلاقة بين اليهودية والمال بشكل حاد. منذ ذلك الوقت، يلاحظ الباحثون أن العديد من المنتمين للتيارات اليسارية انغمسوا في معاداة السامية بشكل عميق.
تقليدياً، يسود اعتقاد بأن اليسار، المرتبط بالفكر العالمي لعصر التنوير، لا يمكن أن يقع في هذه المشاعر السلبية. ويُربط معاداة السامية تاريخياً بالحركات اليمينية واليمينية المتطرفة، من قضية دريفوس مروراً بالمحرقة (الهولوكوست) التي دبرها النازيون وصولاً إلى الأحزاب القومية الحديثة. ومع ذلك، يرى بعض المحللين أن هذا التصور مبسط للغاية.
تشير دراسات معاصرة، مثل كتاب «اليسار المعادي للسامية» لكليمان فييل-راينال ودراسة مؤسسة فوندابول حول «اليساريون المعادون للسامية»، إلى وجود وتطور معاداة السامية ضمن البيئة اليسارية. علاوة على ذلك، تظهر البيانات من السنوات العشرين الماضية زيادة ملحوظة في عدد الأفعال والخطابات المعادية للسامية، وتبرز هذه الظاهرة بشكل خاص في الأوساط المرتبطة باليسار.
بناءً على ذلك، يضع تحليل الحقائق التاريخية والوضع الحالي تحدياً أمام الفكرة القائلة بأن معاداة السامية هي مشكلة حصرية للجناح اليميني من الطيف السياسي، ويشير إلى وجودها وتطورها ضمن تيارات سياسية مختلفة، بما في ذلك اليسار.