
في كلمات قليلة
يتناول الخبر التحديات السياسية التي يواجهها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مسلطاً الضوء على التباين بين صورته الدولية والإشادات التي يحظى بها خارجياً، وبين الانتقادات والمشاكل التي يواجهها داخلياً. كما يتطرق التحليل إلى أمثلة محددة على مواقفه وقراراته، بما في ذلك مواقفه الدولية وقضايا داخلية، التي يُنظر إليها على أنها غير متزامنة مع السياق الفرنسي الحالي وأدت إلى إضعاف موقفه.
يبدو أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يجد صعوبة في التكيف مع التباين الصارخ بين الإشادات التي تأتيه من الخارج وسيل الانتقادات الذي ينهال عليه في الداخل.
يكثر رئيس الدولة من التطرق لمواضيع متنوعة، دون الاقتصار على الأجندة الجيوسياسية التي تبدو مكثفة للغاية. وهذا يجعله في بعض الأحيان يبدو بعيداً عن الواقع الذي يعيشه الفرنسيون، بل وعاجزاً أمامه.
أصبحت هذه الانفجارات الغاضبة من إيمانويل ماكرون ضد كل ما يمكن أن يتعارض مع سياسته منذ عام 2017 عادةً. ففي اجتماع مجلس الوزراء مؤخراً، هاجم الرئيس مشروع ضريبة زوكمان - ضريبة على الثروات الكبيرة جداً، والتي سبق أن اعتمدتها الجمعية الوطنية.
كان لدى الرئيس مثال حديث جداً لتوضيح وجهة نظره: في اليوم السابق، خلال صالون التكنولوجيا الرقمية، أبرمت شركة Nvidia الأمريكية العملاقة في مجال الرقائق شراكة مع شركة Mistral AI الفرنسية للذكاء الاصطناعي. «إحدى أكبر الشركات في العالم من حيث القيمة السوقية تقول إن فرنسا جنة، لأن الإجراءات المتخذة منذ عام 2017 تسير في الاتجاه الصحيح»، أكد أمام الحكومة. «لا شيء سيكون أسوأ من التراجع عنها وزيادة العبء الضريبي. لدينا المواهب، لدينا الطاقة النووية، يجب أن نظل جذابين لرؤوس الأموال. سأحرص على ذلك، لأن فرنسا ليست جزيرة».
ربما كان لا يزال يستمتع بإشادات رئيس Nvidia، الذي تحدث معه على خشبة المسرح. وأشاد جنسن هوانغ آنذاك بـ«المواهب المذهلة» للباحثين الفرنسيين في مجال الذكاء الاصطناعي... وإشادات رئيس الدولة نفسه، الذي كان مستمتعاً بذلك. «هل سمعتم هذا؟»، صرخ بالإنجليزية، بابتسامة عريضة، مخاطباً الجمهور.
آه، لو كان الشعب الفرنسي حماسياً مثل رجل أعمال أمريكي!
في الصحافة الإقليمية نهاية الأسبوع الماضي، انتقد رئيس الجمهورية ميل بعض السياسيين إلى المبالغة في استغلال بعض القضايا الاجتماعية، على حساب «الكفاح من أجل المناخ». يشعر منتقدوه بأنه في بعض الأحيان لا يتوافق مع أولويات المجتمع ومخاوفه الحالية، مفضلاً التركيز على مواضيع أخرى.
كما يواجه الرئيس ماكرون تحديات تتعلق بمواقفه الدولية. فدعمه الثابت لإسرائيل، على سبيل المثال، يفرض عليه تأجيل مؤتمرات تتعلق بالاعتراف بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة. هذا التأجيل قد يُنظر إليه من قبل البعض على أنه عدم تناغم مع التطورات الإقليمية والدولية ومع مشاعر قطاعات واسعة من الجمهور.
بعد القرار السياسي المصيري في 9 يونيو 2024، والذي قوبل بعدم فهم واسع النطاق حتى داخل معسكره الخاص وأدخل فرنسا في حالة من عدم الاستقرار، أصبح الرئيس أضعف بلا شك مما كان عليه قبل عام. حكومته تبدو أكثر هشاشة وتنتظر مصيرها، في حين يبحث بعض وزرائه البارزين عن مخرج. ورغم أنه ألمح علناً إلى نوع من الاعتراف بالخطأ، إلا أن رئيس الدولة لم يتراجع أبداً عن قراره الذي حرمه من معظم سلطاته وجعل فرنسا في حالة من عدم اليقين السياسي.
في تحليلات أخرى، يُقال إن رئيس الدولة يُخيف ناخبي اليسار ويُيئس ناخبي اليمين. فهو معتدل جداً لإرضاء الفرنسيين القلقين، ولكنه صارم جداً لطمأنة اليسار. يبدو أنه في صراع لإيجاد التوازن الصحيح بين مواقفه وسياسته، مما يؤثر على شعبيته وقدرته على القيادة في هذه الفترة الحرجة.