
في كلمات قليلة
يستعرض المقال تاريخاً يمتد لستين عاماً من الحملات القذرة والمؤامرات السياسية في فرنسا، والتي استهدفت المرشحين للرئاسة. من محاولة الاغتيال الملفقة لفرانسوا ميتران، مروراً بالفضائح الجنسية والمالية التي طالت بومبيدو وشيراك وساركوزي، وصولاً إلى الشائعات الرقمية والتدخلات الأجنبية التي واجهها إيمانويل ماكرون، يكشف النص كيف أصبحت الفضائح المختلقة أداة سياسية لتدمير الخصوم.
على مدى ستين عاماً، كان الطريق إلى قصر الإليزيه محفوفاً بالمكائد والحملات القذرة التي استهدفت المرشحين للرئاسة في فرنسا. هذه الظاهرة، المعروفة باسم "قنابل الرائحة الكريهة"، لم تكن مجرد فضائح حقيقية، بل شملت مؤامرات مُحاكة بعناية لتدمير السمعة السياسية للمنافسين، معتمدة في الغالب على وترين حساسين: المال والجنس.
أحد الأمثلة الحديثة يتعلق بالرئيس الحالي إيمانويل ماكرون. في عام 2017، حاول رجل الأعمال المثير للجدل ألكسندر جوهري التقاط صورة معه بشكل متعمّد، وهي صورة كان من الممكن أن تستخدم كدليل في "ملف أسود" يهدف إلى ربطه بتمويل مشبوه لحملته الانتخابية. وفي وقت لاحق، انتشرت شائعات عبر وسائل إعلام روسية ومنصات أمريكية محافظة حول حياة السيدة الأولى بريجيت ماكرون، مما دفع الزوجين لرفع دعوى قضائية.
هذه ليست ظاهرة جديدة. فالتاريخ السياسي للجمهورية الخامسة مليء بمثل هذه الحوادث:
- فرانسوا ميتران (1959): كان ضحية ومشاركاً في إحدى أغرب المؤامرات، حيث تم اتهامه بتدبير محاولة اغتيال وهمية ضد نفسه لكسب تعاطف الناخبين. على الرغم من أن ميتران أنكر تورطه، إلا أنه اعترف بأنه سار في الطريق الذي اقترحه مدبر الهجوم، مما جعله في موقف حرج.
- جورج بومبيدو (1968): تعرض هو وزوجته كلود لحملة تشهير شرسة عُرفت بـ"قضية ماركوفيتش". بعد العثور على جثة ستيفان ماركوفيتش، مساعد الممثل آلان ديلون، انتشرت شائعات كاذبة عن تورط السيدة بومبيدو في حفلات ماجنة، وتم تداول صور مزيفة لابتزاز الرئيس المستقبلي.
- جاك شيراك وإدوار بالادور (1995): اتُهم شيراك بأنه استخدم "مكاتب سوداء" لنشر شائعات حول منافسه إدوار بالادور، ملمحاً إلى وجود علاقة حميمية بين بالادور ومدير مكتبه، وذلك بهدف إضعافه قبل الانتخابات الرئاسية.
- نيكولا ساركوزي (2004): وجد ساركوزي نفسه متورطاً في "قضية كليرستريم"، حيث تم تزوير قوائم مصرفية لإظهار أنه تلقى عمولات غير قانونية. تبين لاحقاً أن القوائم مزيفة، ووصف ساركوزي الأمر بأنه "عملية تدمير منظمة".
هذه الحملات كانت تدار غالباً من قبل ما يسمى بـ "المكاتب السوداء" أو "الدوائر الخفية"، وهي شبكات من المتآمرين تضم رجال شرطة ومخابرات وصحفيين، وتعمل على اختلاق الفضائح من العدم. وكما يشير المؤرخ جان غاريغ، فإن "المال والجنس هما الخيطان الرئيسيان لهذه المؤامرات لأنهما ما يؤلم ويثير الجدل".
مع العصر الرقمي، تطورت هذه الأساليب لتشمل التدخلات الأجنبية. فمنذ عام 2017، أصبحت روسيا لاعباً رئيسياً في نشر المعلومات المضللة، مستهدفة شخصيات سياسية فرنسية بارزة لتشويه سمعتهم والتأثير على الرأي العام، مما يضيف بعداً جديداً لهذه الحرب السياسية القذرة المستمرة منذ عقود.