
في كلمات قليلة
شهدت فرنسا جريمة قتل عنصرية راح ضحيتها تونسي يبلغ من العمر 46 عاماً. المشتبه به، وهو جار الضحية، معروف بتعاطفه الصريح مع حزب «التجمع الوطني» اليميني المتطرف، مما أثار جدلاً سياسياً واسعاً وأحرج قيادة الحزب.
أثار مقتل التونسي هشام ميراوي، البالغ من العمر 46 عاماً، في هجوم عنصري وقع يوم السبت الماضي في منطقة فار الفرنسية، حرجاً بالغاً داخل حزب «التجمع الوطني» (RN) اليميني المتطرف. ويعود سبب هذا الحرج إلى إبداء مطلق النار تعاطفه الصريح مع هذا الحزب.
المشتبه به، ويدعى كريستوف ب. ويبلغ من العمر 53 عاماً، تم إلقاء القبض عليه. وقد تبين أنه كان ينشر العديد من الرسائل العنيفة والمحرضة على الكراهية عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بما في ذلك دعوات صريحة لقتل المسلمين. وفي الوقت نفسه، كان يحث متابعيه على التصويت لصالح حزب «التجمع الوطني».
في منشوراته، كان المشتبه به يعبر عن شوقه لوصول «مارين أو جوردان» (في إشارة إلى مارين لوبان وجوردان بارديلا، أبرز قادة الحزب) إلى السلطة «لطرد المهاجرين». كما كان يحن إلى زمن جان ماري لوبان، الذي قال إنه «أخبرنا بوضوح أننا سنكون في ورطة». وكان المشتبه به يعيد نشر منشورات عمدة مدينة فريجوس التابع للحزب، دافيد راشلين، ومنشورات مارين لوبان نفسها على حسابه في فيسبوك.
قيادة الحزب، بما في ذلك مارين لوبان التي وصفت الحادث بأنه «جريمة بشعة»، وجوردان بارديلا الذي اعتبره «اغتيالاً بدوافع عنصرية يثير الاشمئزاز في فرنسا»، أدانت رسمياً هذا العمل. لكنهم في الوقت نفسه ينفون بشدة وجود أي صلة بين خطاب الحزب المناهض للهجرة وهواجس المشتبه به العنصرية.
مع ذلك، فإن رد فعل معظم نواب الحزب يبقى متحفظاً. فبعد أعمال العنف التي أعقبت فوز فريق باريس سان جيرمان، كانوا يتحدثون بلا كلل عن بلد يشهد فوضى ويقع فريسة «الرعاع» من «الضواحي غير المندمجة» و«الهجرة غير المنضبطة». لكنهم يلزمون الصمت عندما يتعلق الأمر باغتيال ذي دوافع سياسية محتملة، تولت النيابة الوطنية لمكافحة الإرهاب التحقيق فيه. أما الذين يتحدثون منهم، فيكتفون بالقول إنها مجرد دليل آخر على «توحش» البلاد، أو أنها فعل صادر عن «شخص غير متوازن في تفكيره»، على حد تعبير المتحدث باسم الحزب، لوران جاكوبيلي.
لطالما دافع حزب «التجمع الوطني» عن نفسه ورفض أي اتهامات بالعنصرية، وهو ما كان يردده جان ماري لوبان في السابق. وتبذل ابنته مارين لوبان منذ سنوات جهوداً لإبعاد الشخصيات الأكثر إثارة للجدل من قيادات الحزب. لكن الحزب لا يزال يعاني من انتكاسات متكررة. ففي الانتخابات التشريعية التي جرت في يوليو 2024، تم الكشف عن تصريحات عنصرية أو معادية للسامية أو للمثلية من قبل عشرات المرشحين. وكشف موقع «لي جور» مؤخراً عن وجود مجموعة على فيسبوك تحمل اسم «فرنسا مع جوردان بارديلا»، تضم أكثر من 10 آلاف عضو ومتعاطف – وحتى تسعة نواب من الحزب – وتنتشر فيها رسائل مثل: «العرب إلى الخارج!» أو «اطردوا كل هؤلاء الصهاينة الذين يعيشون على ظهور الفرنسيين!».
رغم ادعاء الحزب تفضيل «الوطنيين»، تشير الاستطلاعات إلى صورة مختلفة. فوفقاً لأحدث استطلاع لـ Ipsos بعنوان «الصدوع الفرنسية»، يعتقد 96% من ناخبي الحزب أن هناك عدداً كبيراً جداً من الأجانب في فرنسا، ويعتبر العدد نفسه تقريباً أن الإسلام لا يتوافق مع المجتمع الفرنسي. يبقى السؤال الذي لا يمكن تجنبه، والذي أصبح أكثر إلحاحاً بعد اغتيال بوجيه سور أرجان: إذا كان الحزب لا ينشر خطاباً عنصرياً، فلماذا يدّعي هذا العدد الكبير من العنصريين الانتماء إليه؟