
في كلمات قليلة
تستعد قرية مورمانت سور فيرنيسون الفرنسية الصغيرة لاستقبال تجمع كبير لقادة اليمين المتطرف الأوروبي، بينهم فيكتور أوربان ومارين لوبان، في حدث أُطلق عليه "احتفال النصر". التجمع، الذي يتوقع حضور 5 آلاف شخص، يثير قلق السلطات المحلية ومعارضة من اليسار، الذي يخطط لتنظيم مظاهرة مضادة.
تستعد قرية مورمانت سور فيرنيسون الفرنسية، التي لا يتجاوز عدد سكانها 130 نسمة، لاستقبال حدث غير مسبوق في تاريخها. ففي التاسع من يونيو القادم، ستشهد القرية تجمعاً حاشداً لآلاف الأشخاص وقادة من اليمين المتطرف في أوروبا.
يُنظم هذا التجمع، الذي أُطلق عليه اسم "احتفال النصر"، من قبل المجموعة البرلمانية الأوروبية "باتريوتس" (Les Patriotes - الوطنيون)، التي تضم ممثلين عن 17 حزباً سياسياً من الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك حزب التجمع الوطني الفرنسي. يأتي الحدث للاحتفال بمرور عام على ما وصفوه بـ "الموجة الوطنية" التي حققتها أحزابهم في الانتخابات الأوروبية لعام 2024.
من بين أبرز الشخصيات المتوقع حضورها، مارين لوبان وجوردان بارديلا من حزب التجمع الوطني الفرنسي، ورئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، ونائب رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو سالفيني، وزعيم حزب فوكس الإسباني سانتياغو أباسكال، والسياسي الهولندي خيرت فيلدرز، المعروف بمواقفه وتصريحاته المعادية للمسلمين. يأمل المنظمون في استضافة ما يصل إلى 5000 شخص في موقع خاص بالقرية.
ويُبرر اختيار هذه القرية الصغيرة والنائية نسبياً بالبحث عن مكان "ليس بعيداً جداً عن باريس لحدث ريفي". وقد لعب النائب المحلي عن حزب التجمع الوطني، توماس ميناج، دوراً رئيسياً في إيجاد الموقع. يشير ميناج إلى أن حزبه يحقق نتائج قوية في المناطق الريفية وأن تنظيم مثل هذه الفعاليات يساعد في تسليط الضوء على الأقاليم الفرنسية.
الأرض التي سيقام عليها التجمع مملوكة لرئيس البلدية السابق، كريستيان شاربنتييه، الذي وافق على إعارتها. يقول شاربنتييه إن النائب ميناج كان قد ساعد مزارعين محليين في حل مشاكل تتعلق بالحصول على الإعانات الأوروبية. ويضيف شاربنتييه أنه يشارك المنظمين بعض الأفكار، مثل معارضتهم لانضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي.
على الرغم من ضخامة الحدث بالنسبة لحجم القرية، يقول رئيس البلدية السابق إن "الأمر لا يبدو أنه يزعج الناس هنا". ويتذكر أن القرية لم تشهد تجمعاً بهذا الحجم من قبل، مشيراً إلى حادثة احتجاز رهائن قبل حوالي 40 عاماً وحفلة صاخبة غير مرخصة في عام 2011. يعبر شاربنتييه عن ثقته بأن تجمع "الوطنيين" سيكون منظماً.
من جانبه، يعبر رئيس البلدية الحالي، فنسنت ديرومو، الذي لا ينتمي لأي حزب، عن قلقه بشأن إدارة تدفق الحشود في الأماكن العامة، رغم أن التجمع نفسه سيقام على أرض خاصة تبعد حوالي 1.5 كيلومتر عن مركز القرية. وقد أُبلغ رسمياً بالحدث من قبل المحافظة بعد أن علم به من النائب المحلي. عُقدت بالفعل اجتماعات لمناقشة الترتيبات الأمنية، وأكدت المحافظة أنه سيتم نشر القوات اللازمة.
يرفض ديرومو التعليق على الجانب السياسي للحدث، مشدداً على أن قلقه يقتصر على الجوانب التنظيمية والأمنية فقط. يدرك رئيس البلدية أن حزب التجمع الوطني يتمتع بشعبية في بلديته، لكنه يعتبر أن دعم الناس يعود بالدرجة الأولى إلى شخصية النائب المحلي وليس بالضرورة انتماءهم السياسي الصارم.
في المقابل، ينتقد برونو نوتان، المستشار البلدي من الحزب الشيوعي في بلدة مونتارجي المجاورة، بشدة تنظيم هذا التجمع. ويصف القرية بأنها "محافظة للأسف" ويتهم النائب باستخدام المنطقة لاستقطاب "أسوأ ما في أوروبا". يعتبر نوتان أن هذا التجمع يشكل "لطخة" على سمعة القرية بالنسبة للعديد من سكانها الأصليين، ويشير إلى أنه تعرض لتهديدات وإهانات بسبب مواقفه.
رداً على تجمع اليمين المتطرف، تعتزم أحزاب اليسار والنقابات تنظيم تظاهرة مضادة في مونتارجي، حيث سيتم إقامة "قرية تقدمية". ويؤكد نوتان أن أبرز القوى اليسارية ستشارك في هذه التظاهرة.
رئيس بلدية مونتارجي، بينوا ديجون، الذي ينتمي لحزب الجمهوريين، لم يعارض تنظيم مظاهرة اليسار في مدينته، لكنه عبر شخصياً عن "اشمئزازه العميق" من حزب التجمع الوطني وتجمعهم في القرية المجاورة. واعتبر أن مثل هذه الأحداث تجلب العار للبلدة وتجذب انتباهاً غير ضروري، مؤكداً أن أوروبا الموحدة، رغم كل الانتقادات، تحمي الجميع في النهاية.