
في كلمات قليلة
بدأت الأغلبية الحاكمة في البرلمان الفرنسي باستخدام تكتيك "اقتراح الرفض"، وهو أداة كانت تستخدمها المعارضة تقليدياً. يسمح هذا التكتيك الجديد بوقف مناقشة مشاريع القوانين للتغلب على عرقلة المعارضة اليسارية وتعديلاتها الكثيرة، مسرعاً بذلك العملية التشريعية.
تشهد الجمعية الوطنية الفرنسية، وهي الغرفة السفلى للبرلمان، ظهور تكتيك سياسي جديد ومبتكر تستخدمه الأغلبية البرلمانية وأنصار الرئيس إيمانويل ماكرون واليمين. هذا التكتيك يتمثل في استخدام ما يعرف بـ"اقتراح الرفض" (motion de rejet)، ولكنه يُستخدم هذه المرة ليس من قبل المعارضة لرفض القوانين، بل من قبل الأغلبية نفسها لمواجهة عرقلة المعارضة.
عادةً، يُعد "اقتراح الرفض" أداة رئيسية في يد المعارضة لمحاولة إسقاط نص قانوني حتى قبل بدء مناقشته التفصيلية في البرلمان. الهدف هو منع النص من الوصول إلى مرحلة النقاش. لكن في مواجهة سيل هائل من التعديلات التي تقدمها المعارضة اليسارية - الآلاف منها في بعض الأحيان - بغرض إبطاء وتعطيل العملية التشريعية، وجدت الأغلبية طريقة لقلب السلاح على المعارضين.
نشأت الفكرة بين رؤساء الكتل البرلمانية الموالية للحكومة واليمين. بدلاً من السماح لنواب اليسار بإطالة النقاش لأيام طويلة عبر التحدث في كل تعديل مقدم، اقترح استخدام "اقتراح الرفض" للتصويت ضد النص نفسه... الذي تؤيده الأغلبية في الأصل. قد يبدو هذا متناقضاً، لكن الهدف ليس رفض القانون في جوهره، بل وقف إجراءات مناقشته بشكله الحالي، وبالتالي إغلاق الباب أمام محاولات التعطيل.
تم تطبيق هذا التكتيك بنجاح خلال مناقشة مشروع قانون الزراعة، حيث كان النائب جوليان ديف هو المقرر المسؤول عن النص. في مواجهة عدد غير مسبوق من التعديلات من اليسار، وبعد تردد مبدئي، قدم ديف "اقتراح الرفض" لنصه الخاص. في خطوة مفاجئة للجميع، تم تبني هذا الاقتراح بأغلبية ساحقة في 26 مايو 2025. هذه هي المرة الأولى في تاريخ الجمعية الوطنية التي يقوم فيها مقرر بتقديم هذا الإجراء ضد مشروعه الخاص وينجح في تمريره.
يسلط هذا التطور الضوء على هشاشة التشكيلة البرلمانية الحالية والتبعات المؤسساتية لحالة الجمود السياسي الناتجة عن عدم امتلاك الحكومة لأغلبية مطلقة. استخدام "اقتراح الرفض" من قبل الكتلة الحاكمة يمثل أداة جديدة لتسريع العملية التشريعية والتغلب على محاولات المعارضة لشل عمل البرلمان.