بعد يوم واحد من صدور الحكم الصادم ضد «مارين لوبان»، ينظم حزب «التجمع الوطني» هجوماً سياسياً وإعلامياً مضاداً يوم الثلاثاء، مستشهداً بالرأي العام ومطالباً بمحاكمة استئناف سريعة بما يكفي للحفاظ على ترشحها للانتخابات الرئاسية.
ودعا الحزب يوم الاثنين إلى «التعبئة الشعبية والسلمية»، كما أطلق عريضة دعم تحت شعار «أنقذوا الديمقراطية، ادعموا مارين». يسعى الحزب لإظهار أن الحكم القضائي له دوافع سياسية ويهدف لإقصاء مرشحتهم من السباق الرئاسي لعام 2027.
وفقًا لاستطلاع أجرته Odoxa-Backbone لصالح صحيفة «لو فيجارو»، تعتقد غالبية الفرنسيين (61%) وأنصار حزب التجمع الوطني (57%) أن هذا القرار القضائي لا يمثل عائقًا سياسيًا للحزب. كما يتمتع جوردان بارديلا، البديل المحتمل لمارين لوبان في حال منعها، بنفس شعبية المرشحة الرئاسية ثلاث مرات. بالنسبة لـ 22% من المشاركين و 25% من أنصار الحزب، يعتبر هذا السيناريو حتى «ميزة للتجمع الوطني لأنه سيسمح له بفتح صفحة جديدة بعد لوبان».
تخترق شمس الشمال الساطعة زجاج السيارة بأشعتها. يضيق جيسون عينيه. مفك براغي في فمه، وأسلاك كهربائية مدسوسة في جيب بدلته الرياضية، يكافح الشاب الثلاثيني، الجالس في المقعد الأمامي، لإصلاح راديو سيارته من طراز توينجو المتوقفة في شوارع مدينة إينان بومون، معقل مارين لوبان. الجهاز الإلكتروني يصدر أصواتاً متقطعة، ثم يبث بعد ثوانٍ قليلة موجات متقطعة لإذاعة فرانس إنفو. يعلن الصحفي: «ردود الفعل السياسية تتوالى بعد إدانة مارين لوبان». يكاد جيسون يسخر من الأمر.
«وماذا الآن؟» بعد إدانتها بتهمة اختلاس أموال عامة في قضية المساعدين البرلمانيين لنواب الجبهة الوطنية (الذي أصبح التجمع الوطني)، أعلنت المحكمة الجزائية في باريس يوم الاثنين عدم أهلية مارين لوبان للترشح لمدة خمس سنوات.
ورغم إعلان زعيمة نواب التجمع الوطني أنها ستستأنف الحكم، فإن العقوبة تُطبق فورًا بسبب النفاذ المعجل الذي أمر به قضاة المحكمة الابتدائية. وهذا الأمر يُعرّض ترشح زعيمة نواب التجمع الوطني للانتخابات الرئاسية لعام 2027 لخطرٍ حقيقي.
هذه الصيغة القانونية انتقلت إلى المجال السياسي. وهي تعبر عن وضع مارين لوبان بشكل كامل.
بالنظر إلى الحكم الصادر يوم الاثنين، فإن عقوبة عدم الأهلية المفروضة عليها هي التي تعتبر ذات تنفيذ مؤقت.
بمعنى آخر، باللغة العامية، ذات تطبيق فوري.
لكن النائبة عن منطقة با-دو-كاليه، بصفتها شخصية سياسية، هي التي يتم إعدامها.
وعند سماع ردها، نفهم أن هذا الإعدام ليس إلا مؤقتًا؛ على الأقل في ذهنها.
عندما صدر الإعلان عن إدانة مارين لوبان بتهمة اختلاس أموال عامة ظهر يوم الاثنين، كان إيمانويل ماكرون وفرانسوا بايرو ونحو خمسة عشر وزيرًا مجتمعين في قصر الإليزيه لحضور مجلس تخطيط بيئي.
بعيدًا جدًا عن الصدمة التي ضربت المشهد السياسي الفرنسي.
ونقل أحد المشاركين في أعقاب ذلك: «لم تكن هواتفنا المحمولة معنا في الداخل، علمنا بالأمر عند الخروج». وفقًا لمصادر إعلامية فرنسية.
نجا لويس أليو، رئيس بلدية المدينة والقيادي في حزب التجمع الوطني، من خطر فقدان منصبه التنفيذي بعد إدانته يوم الاثنين بتهمة اختلاس أموال عامة.
وهكذا، يتجنب خسارة ولايته، وهو الذي يقود منذ خمس سنوات أكبر بلدية سيطرت عليها التشكيلة اليمينية المتطرفة.
لقد نجا تقريبًا من المحاكمة المثيرة للجدل بشأن المساعدين البرلمانيين الأوروبيين للجبهة الوطنية.
وبعد صدور الحكم مباشرة، أعلن نائب رئيس الحزب بالفعل لوسائل الإعلام المحلية أنه سيسعى إلى خلافة نفسه في العاصمة الكتالونية.
أعرب رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو عن «انزعاجه من منطوق الحكم» الصادر بحق مارين لوبان والقاضي بعدم أهليتها للترشح لمدة خمس سنوات بأثر فوري، وفق ما نقل مقربون منه يوم الاثنين.
وأثار هذا الموقف قلق الحزب الاشتراكي الذي عبر عن مخاوفه بشأن احترام «فصل السلطات» و«سيادة القانون» في فرنسا.
أحدث قرار القضاة دويًا هائلاً في الحياة السياسية الفرنسية وعلى جزء من الساحة الدولية.
أُعلنت مارين لوبان مذنبة باختلاس أموال عامة في قضية المساعدين البرلمانيين لأعضاء البرلمان الأوروبي من حزب الجبهة الوطنية (الذي أصبح التجمع الوطني)، وحُكم عليها بعدم الأهلية الفورية لمدة خمس سنوات.
وبينما أعلنت زعيمة النواب القوميين استئنافها لحكم محكمة باريس، فإن الحكم من شأنه أن يعرض ترشحها للانتخابات الرئاسية لعام 2027 للخطر.
السياسة «رياضة للكبار» وليست لعبة أطفال. بعد جولة الذهاب في 2017، وجولة الإياب في 2022، لن تكون هناك «مباراة فاصلة» بين إيمانويل ماكرون ومارين لوبان في انتخابات 2027 الرئاسية. وخلافًا للمعتاد، لم يكن قرار استبعاد رئيس الدولة الحالي وزعيمة المعارضة من السباق إلى قصر الإليزيه بيد الناخبين الفرنسيين، بل جاء نتيجة لعاملين خارجيين حلا محلهما في تحديد مسار الأحداث ومنعهما من الترشح.