
في كلمات قليلة
تشير دراسات حديثة إلى أن الاحتيال الرقمي المدعوم بالذكاء الاصطناعي يشكل تهديداً متزايداً للأفراد والشركات. يسلط الخبراء الضوء على انتشار تزوير الوثائق والتزييف العميق، ويؤكدون على ضرورة زيادة الوعي والتدريب لمواجهة هذه المخاطر.
يشكل الاحتيال الرقمي تهديداً متزايداً في عالمنا المعاصر، وقد أدى التطور السريع للذكاء الاصطناعي (AI) إلى تفاقم هذه المشكلة بشكل كبير. وفقاً لدراسات أجريت في أوروبا، يواجه واحد من كل خمسة مهنيين مستندات رقمية مزورة أو مخترقة في سياق عملهم.
مع تسارع وتيرة التحول الرقمي للأعمال ودخول الشركات بشكل متزايد إلى العالم الرقمي، تتزايد أيضاً الثغرات التي يمكن للمحتالين استغلالها. في هذا السياق، يشعر غالبية المهنيين بزيادة مشروعة في التهديدات المتعلقة بالأمن السيبراني.
ورغم أن الأمر قد يبدو مجرداً، فإن عواقبه ملموسة جداً: تزوير المستندات، سرقة الهوية، التلاعب بالبيانات الحاسوبية. هذه كلها مخاطر يجب على الشركات والأفراد الحذر منها أثناء الانتقال الرقمي. إن تطوير الذكاء الاصطناعي لا يؤدي إلا إلى تضخيم هذا القلق. ففي حين يحدث الذكاء الاصطناعي ثورة في العديد من القطاعات، فإنه يفتح أيضاً الباب لأنواع جديدة من الاحتيال تكون أكثر تعقيداً وأقل وضوحاً.
يرى ثلثا المهنيين تقريباً أن صعود الذكاء الاصطناعي هو مصدر تهديد إضافي. أولاً، لأنه يسهل الوصول إلى تقنيات التزوير الآلية التي أصبحت متاحة للجميع. ثانياً، لأنه يعمم استخدام تقنية "التزييف العميق" (deepfake)، وهي تقنية وسائط متعددة تسمح بتركيب أجزاء من الصور أو الفيديو أو مقتطفات صوتية على ملفات أخرى. وهذا يجعل من السهل جداً تقليد وجه أو صوت شخص آخر وجعله يقول كلمات لم ينطق بها، مما يساهم في عمليات الاحتيال.
يؤكد الخبراء أن الذكاء الاصطناعي، دون أن يغير طبيعة التهديدات الأساسية، يسهل عمل المهاجمين بشكل كبير. هجمات "التزييف العميق"، على سبيل المثال، موجودة منذ فترة طويلة، لكنها أصبحت الآن في متناول جمهور أوسع، دون الحاجة إلى موارد أو خبرة كبيرة.
من المفارقات أن الأمن يعد المعيار الأول لاختيار الأدوات الرقمية لدى العديد من المهنيين. ومع ذلك، فإن غالبية صانعي القرار لا يخططون لزيادة إنفاقهم على الأمن السيبراني في الأشهر المقبلة. يحذر الخبراء من أن أساليب الهجوم تتطور باستمرار، وبالتالي من الضروري الاعتماد على حلول متطورة ومقدمين خدمات مؤهلين لضمان الحماية المثلى. ومن الواضح أن هذا التحديث المستمر يتطلب استثمارات من قبل الشركات.
التهديد موجود بالفعل: واحد من كل خمسة مهنيين يقر بمواجهته لمستند مزور أو مخترق في سياق عمله. حتى أن عدداً كبيراً منهم واجه نزاعات قانونية مرتبطة بالتزوير. ورغم أن جميع القطاعات معنية، إلا أن الأرقام ترتفع في قطاعات مثل المالية والقانونية والموارد البشرية، حيث يواجه ما يقرب من ثلث المهنيين في هذه المجالات مستندات مزورة.
بالإضافة إلى الاستثمار في التقنيات، من الأهمية بمكان تدريب الأفراد والمهنيين على اكتشاف الاحتيال الرقمي. يشمل ذلك إجراءات بسيطة ولكنها فعالة مثل إنشاء كلمات مرور قوية، وتحديد محاولات التصيد الاحتيالي (phishing) التي تهدف إلى الحصول على البيانات الشخصية، وتأمين المستندات الحساسة باستخدام المصادقة الثنائية. والأهم من ذلك، هو التوعية المنتظمة بأفضل ممارسات الأمن.
تكشف الدراسات أن نسبة ضئيلة فقط من الشركات تقوم بتدريب جميع موظفيها على هذه القضايا، بينما لم يتلق جزء كبير منهم أي تدريب على الإطلاق. تشير هذه الأرقام إلى نقص واضح في الاهتمام بالوقاية الرقمية من قبل الشركات، في وقت تتقدم فيه التطورات التكنولوجية، خاصة في مجال الذكاء الاصطناعي، بوتيرة سريعة جداً. من المحتمل أن تكون العديد من الشركات متأخرة في مجال الأمن السيبراني وستحتاج إلى استثمارات كبيرة لحماية محتوياتها الحساسة. في ظل هذه الظروف، يصبح تطبيق إجراءات واضحة وأدوات مناسبة أمراً ضرورياً لتنظيم الاستخدامات، وتعزيز الضوابط، وتقليل هامش الخطأ في العصر الرقمي المدعوم بالذكاء الاصطناعي.