
في كلمات قليلة
النظام الإيراني يجني ثمار سياساته الانعزالية ويواجه تداعيات الضربات الأخيرة. الدولة تفقد دعم حلفاء سابقين وتثير استياء متزايداً في العالم بسبب سياستها الداخلية والخارجية.
ألقت التطورات الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط، لا سيما الضربات الدقيقة والمتكررة التي استهدفت الأراضي الإيرانية، الضوء مجدداً على وضع الجمهورية الإسلامية على الساحة الدولية. فبعد سلسلة عمليات محددة، أصبح واضحاً أن هذه ليست مجرد أعمال تخويف، بل عمليات شاملة ومعلنة.
رداً على هذه التطورات، يلجأ أنصار النظام الإيراني كالمعتاد إلى خطابهم المعهود. يدينون الضربات، لكنهم يتجنبون الإشارة إلى الأسباب التي أدت إليها. يتحول هؤلاء "فرسان القضية" إلى مجرد "ببغاوات أيديولوجية" على شبكات التواصل الاجتماعي، يكررون بلا ملل شعارات الأمس ويرفضون رؤية حقيقة ما يحدث اليوم.
إن تحليل معمق للأحداث، بناءً على كميات هائلة من البيانات، يقود إلى استنتاج مؤكد إحصائياً: النظام الإيراني يدفع ثمن العزلة التي فرضها على نفسه بعناية فائقة. لقد نحت النظام هذه العزلة في صخرة قناعاته وغطرسته، تماماً كما يُنحت الضريح من الحجر.
من خلال الدعوة المستمرة للعودة إلى "العصر الذهبي" للثورة الإسلامية، والقضاء على المعارضين، وتنفيذ أحكام الإعدام (بما في ذلك بحق الطلاب)، وتخصيب اليورانيوس بمستويات لا علاقة لها بالاستخدامات الطبية، أغرق النظام الإيراني نفسه في حالة من الغروب الدائم.
ورغم ادعاءات الأتباع الأيديولوجيين، لم يتوقف قادة الجمهورية الإسلامية منذ ثورة 1979 عن الدعوة لتدمير دولة إسرائيل. باختصار، أصبحت السلطة في طهران مثيرة للاستياء بشكل منهجي، تعمل بدقة برنامج حاسوبي جيد. لقد خلطت بين الاستقلالية والبارانويا، وبين الردع والاستفزاز، وبين الحضارة والأيديولوجيا.
في الماضي، كانت إيران تثير الإعجاب. اليوم، بعد كل هذه التجاوزات، لم تعد كذلك. أصبحت الدولة تكتشف في المسرح العالمي الكبير أنها لم تعد تجد من يدعمها. الأسوأ من ذلك، أن حلفاء الأمس يغيرون اتجاههم. الأتراك يبحثون عن مكان آخر أكثر فائدة. الصينيون يرسمون خرائط الآخرين للاستفادة منهم.
أما الغرب؟ بمجرد أن بدأت الضربات، سارع الغربيون إلى إعلان تضامنهم مع إسرائيل. في السفارات، تحولت التعبيرات الدبلوماسية إلى ابتسامات معبرة ومصافحات قوية، لدرجة أن أحداً لم يعد يحتاج إلى ترجمة للتفاهم.
إن الوضع الحالي للنظام يعكس "بروداً أخلاقياً". ففي حين كانت إيران يوماً مركزاً للحضارة، يبدو أنها اليوم لا تدفئ سوى أجهزة الطرد المركزي الخاصة بها.
في الماضي، كانت إيران ملهمة. اليوم، وبعد الكثير من التجاوزات، أصبحت تثير السخرية. يتم الإشارة إليها بالاصبع، تُضرب، وتُهان.
ما يحدث يستدعي التفكير الجاد. خاصة بالنسبة لساستنا الذين، على غرار إيران، يستقطبون، يعزلون أنفسهم، ويقنعون أنفسهم بأنهم على حق ضد العالم بأسره.
أولئك الذين يدعون معرفة التاريخ وحبه، غالباً ما ينسون أنه في النهاية يميل إلى تكرار نفسه.