بعد حادثة طعن مميتة: جدل في فرنسا حول تعزيز أمن المدارس وإجراءات التفتيش

بعد حادثة طعن مميتة: جدل في فرنسا حول تعزيز أمن المدارس وإجراءات التفتيش

في كلمات قليلة

بعد حادثة طعن مميتة في إحدى المدارس الفرنسية، يتصاعد الجدل حول كيفية تعزيز الأمن داخل المؤسسات التعليمية. تتضمن المقترحات تركيب بوابات كشف ومعادن وتكثيف عمليات تفتيش الحقائب، لكن تواجه هذه الإجراءات تحديات تتعلق بالتكلفة والقيود القانونية والحاجة الماسة لزيادة عدد الموظفين.


عادت قضية أمن المؤسسات التعليمية إلى الواجهة في النقاش العام بفرنسا، عقب حادثة مأساوية وقعت الثلاثاء في إقليم أوت مارن، حيث قتل تلميذ مشرفاً مدرسياً بسكين أمام كوليجه.

بعد وفاة المشرفة يوم الثلاثاء 10 يونيو في نوجان، إثر تعرضها للطعن على يد طالب خلال عملية تفتيش للحقائب، طرحت مسألة تأمين المدارس مرة أخرى. عادت فكرة تركيب بوابات أمنية لتكون ضمن الاقتراحات المطروحة. وقد أبدى رئيس الوزراء، فرانسوا بايرو، رغبته في تجربة بوابات الكشف عن الأسلحة.

لكن تركيب بوابات الأمن يثير العديد من التساؤلات. أولاً، التكلفة: إنها مبالغ باهظة، تصل إلى آلاف أو حتى عشرات الآلاف من اليوروهات لكل جهاز للكشف عن المعادن. وبالطبع، ستحتاج كل مؤسسة تعليمية إلى عدة بوابات. بالنظر إلى وجود حوالي 11 ألف كوليج وlycée في فرنسا، فإن المبلغ الإجمالي سيكون ضخماً. علاوة على ذلك، كل ما يتعلق بالمعدات المادية للمؤسسات التعليمية يقع على عاتق السلطات المحلية (المناطق والأقاليم). هل هذه السلطات مستعدة لتمويل مثل هذه الأجهزة؟ وهل لديها الإمكانيات لذلك؟

يجب أيضاً معرفة من يتدخل إذا انطلق جهاز الكشف. لا يحق للمشرفين والموظفين الإداريين تفتيش ما بداخل حقيبة الطالب، بل يمكن فقط لقوات الأمن القيام بذلك. يؤكد ممثل عن اتحاد أولياء الأمور أنه بدلاً من توفير المعدات، يجب توفير الموظفين للقيام بالوقاية الحقيقية.

يجب أن تكون الأولوية لتعزيز الموارد البشرية بدلاً من مضاعفة الأجهزة التقنية. عندما يكون لديك اليوم مساعد تربوي واحد لكل 120 طالباً في الكوليج، وواحد لكل 250 في الثانوية، فهذا غير كافٍ. ليس بالضرورة لتواجده مع قوات الأمن عند المدخل، بل لتواجده مع الطلاب داخل المؤسسة، للتمكن من تحديد المواقف مبكراً. بالإضافة إلى ذلك، هذا النوع من كاشفات المعادن لن يمنع دخول سكين مصنوع من السيراميك، على سبيل المثال.

لا توجد مؤسسة تعليمية معروفة قامت بتجربة كاشفات المعادن هذه. ومع ذلك، في السنوات الأخيرة، تم تركيب أجهزة أخرى، لا سيما في ثانويات منطقة أوفيرن رون ألب، وفي بعض المؤسسات في نيس. لكنها كانت عبارة عن بوابات دوارة (tourniquets) تفتح عندما يضع الطالب شارته. هذا يسمح أساساً بمنع دخول أشخاص غرباء، رغم أن الطالب يمكن أن يعير شارته لشخص آخر. والأهم من ذلك، أنها لا تمنع إدخال أشياء خطيرة، لأن هذه البوابات الدوارة لا تحتوي على نظام كشف المعادن.

في منطقة أوفيرن رون ألب، تم تجهيز 300 ثانوية إجمالاً. هذه الخطة لمكافحة الاختراق، التي كلفت أكثر من 100 مليون يورو، تم إطلاقها قبل ما يقرب من عشر سنوات، بعد موجة الهجمات التي ضربت فرنسا في عام 2015.

منذ فترة، أرادت إدارتان تعليميتان تركيب بوابات للتعرف على الوجه عند مدخل المؤسسات، لكن اللجنة الوطنية للمعلومات والحريات (CNIL) اعترضت. رغم التأثيرات الرادعة المحتملة، يؤكد أولياء الأمور أن هذه الحلول لا يمكن أن تحل محل الوجود البشري والمرافقة اليومية. الآلات لن تحل كل شيء. المراقبة بالفيديو رادعة، وهذا شيء جيد. لكن الردع والقمع وحدهما غير كافيين. ما هو مهم حقاً هو الوقاية تحديداً.

المراقبة بالفيديو في محيط المؤسسات موجودة في نيس، على سبيل المثال، لكن يطرح السؤال حول من يراقب الكاميرا: يجب أن يكون هناك موظفون مؤهلون يراقبون الصور وقادرون على الاستجابة.

عمليات تفتيش الحقائب الشهيرة، التي بدأتها الحكومة منذ نهاية مارس بدعم من قوات الأمن، تسمح بإجراء عمليات تفتيش مفاجئة. تم تنظيم أكثر من 6 آلاف عملية تفتيش في شهرين في جميع أنحاء فرنسا. لكن لا يمكن أن تكون هذه العمليات منهجية لأنها تتطلب حشد أعداد كبيرة من رجال الدرك والشرطة. وقد وقعت حادثة نوجان المأساوية خلال إحدى عمليات التفتيش هذه.

أخيراً، هناك مسألة الوقت الذي تستغرقه كل هذه العمليات. التفتيش، تصفية المداخل، المرور عبر البوابات: كل هذا يبطئ دخول الطلاب. عندما يصل 1000 أو حتى 2000 طالب في بضع دقائق، قبل بدء الدروس مباشرة، يتسبب ذلك حتماً في ازدحام وتجمعات عند المداخل، مما قد يكون في النهاية خطيراً، وبالتالي يأتي بنتائج عكسية تماماً.

نبذة عن المؤلف

كريستينا - صحفية تكتب عن التنوع الثقافي في فرنسا. تكشف مقالاتها عن الخصائص الفريدة للمجتمع الفرنسي وتقاليده.