فضيحة عصابات الاستمالة والاستغلال الجنسي للأطفال تهز بريطانيا: "الجميع كان يعلم، لا أحد تحرك"

فضيحة عصابات الاستمالة والاستغلال الجنسي للأطفال تهز بريطانيا: "الجميع كان يعلم، لا أحد تحرك"

في كلمات قليلة

شهدت بريطانيا فضيحة مدوية تتعلق بعصابات إجرامية استغلت آلاف الفتيات القاصرات جنسياً على مدى عقود. كشف تقرير حديث عن تقاعس كبير من قبل السلطات. الحكومة البريطانية قدمت اعتذاراً وأعلنت عن فتح تحقيق وطني لكشف الحقائق وحماية الأطفال.


تجد بريطانيا نفسها في قلب فضيحة مدوية تتعلق بما يُعرف بعصابات "الاستمالة" (Grooming Gangs) – شبكات إجرامية استغلت جنسياً آلاف الفتيات القاصرات وأدخلتهن عالم الدعارة على مدى عقود، بدءاً من التسعينيات. تفاقمت القضية بسبب التقارير التي تشير إلى أن هذه الجرائم ظلت لفترة طويلة تمر دون عقاب فعلي.

بعد نشر تقريرٍ صادمٍ يوم الاثنين، قدمت الحكومة البريطانية اعتذاراً رسمياً وأعلنت عن إطلاق تحقيق وطني شامل.

اكتسبت قضية عصابات "الاستمالة" زخماً جديداً في بداية هذا العام. وتتبع هذه العصابات نمطاً متكرراً في العديد من القضايا: رجال، غالباً من أصول باكستانية أو آسيوية، يستهدفون فتيات صغيرات و vulnerables، يجدن أنفسهن غالباً في ظروف عائلية صعبة، يعشن في دور الرعاية الاجتماعية، أو هاربات من منازلهن.

يبدأ التلاعب بإغراء الضحايا "بهدايا" مثل الكحول، المخدرات، أو رحلات مجانية بسيارات الأجرة، وأحياناً من خلال لعب دور الصديق، قبل أن يتعرضن للاعتداء الجنسي ويتم إجبارهن على ممارسة الدعارة، وقد يستمر ذلك لسنوات طويلة. يشير مصطلح "الاستمالة" (Grooming) إلى عملية تلاعب تهدف إلى تسهيل الاستغلال الجنسي.

شملت هذه الشبكات الإجرامية العديد من المدن، لا سيما في شمال ووسط إنجلترا. القضية الأكثر رمزية هي ما حدث في روثرهام، حيث تم تحديد ما يقرب من 1500 فتاة قاصر، بعضهن كان عمرهن 12 أو 13 عاماً فقط، كضحايا لعصابات الاستمالة بين عامي 1997 و2013. في هذه القضية وحدها، أدين عشرات الرجال.

لكن مدناً أخرى، بالقرب من مانشستر، شهدت شبكات مماثلة. ففي 13 يونيو، أُدين سبعة مجرمين في روتشديل باغتصاب فتاتين تبلغان من العمر 13 عاماً وتحويلهما إلى عبيد جنسيين بين عامي 2001 و2006. خلال المحاكمة، وصف المدعي العام المعاناة الفظيعة التي تعرضتا لها، حيث كانتا تُجبران على ممارسة الجنس "مع عدة رجال في نفس اليوم" في شقق مهملة أو أماكن أخرى.

لا تزال الشهادات تتدفق، ووفقاً للشرطة البريطانية، فإن بعض هذه العصابات قد لا تزال نشطة. هناك حالياً نحو 800 ملف جنائي مستقل من هذا النوع قيد التحقيق.

أحد الجوانب الأكثر إثارة للصدمة في هذه القضية هو تقاعس السلطات. تشير العديد من الشهادات إلى أن ضباط الشرطة أو العاملين الاجتماعيين لم يتصرفوا، رغم تلقيهم تنبيهات. إحدى الضحايا، فيونا غودارت، التي كانت تبلغ من العمر 13 عاماً حين تعرضت للاستغلال، قالت: "أنا في غرفة، يتم اغتصابي. حولي، ضباط شرطة وعاملون اجتماعيون يحتسون الشاي ويتجاذبون أطراف الحديث. الجميع كان يعلم، لا أحد تحرك".

لماذا هذا التقاعس؟ يُشار إلى نقص الموارد لدى الشرطة، وأن الضحايا كن غالباً من خلفيات متواضعة ولديهن قدرة أقل على الدفاع عن أنفسهن. لكن عاملاً رئيسياً، أكده التقرير والشهادات، هو رفض أو إغلاق التحقيقات خوفاً من اتهامهم بالعنصرية، لأن المعتدين كانوا غالباً من أصول أجنبية، والضحايا غالباً من البيض.

تقاعس السلطات أثار غضباً شعبياً واسعاً وتأكد أمام البرلمان على لسان وزيرة الداخلية البريطانية، إيفيت كوبر. قالت الوزيرة إن قوات الشرطة حددت "أدلة واضحة على التمثيل المفرط للمشتبه بهم من أصول آسيوية وباكستانية" بين مرتكبي الجرائم. وأضافت أن التقرير يظهر أيضاً أن هذا الموضوع "تم التكتم عليه بالكامل، خوفاً من الظهور بمظهر عنصري أو إثارة توترات مجتمعية".

في مواجهة حجم الفضيحة، أعلنت الحكومة عن إعادة فتح القضايا التي أُغلقت، وإطلاق تحقيق عام وطني، وسلسلة من الإصلاحات لتحسين حماية القُصّر من الجرائم الجنسية. الهدف هو استعادة الثقة في المؤسسات وتسليط الضوء بشكل كامل على هذه الشبكات.

نبذة عن المؤلف

فيكتور - محلل سياسي ذو خبرة طويلة في وسائل الإعلام الأمريكية. تساعد مقالاته التحليلية القراء على فهم تعقيدات النظام السياسي الأمريكي.