
في كلمات قليلة
عقب حادث مقتل مؤسف، أدلى السياسي الفرنسي إريك سيوتي بتصريحات حول تزايد العنف والجريمة في فرنسا بأرقام كبيرة. يكشف تحليل البيانات الرسمية أن بعض الأرقام التي ذكرها قريبة من الواقع، لكن الصورة الكاملة أكثر تعقيداً، خاصة فيما يتعلق بتطور المعدلات وتصنيف أنواع العنف، مثل العنف الأسري.
بعد حادثة مقتل مشرف تربوي في مدرسة بفرنسا، أدلى السياسي إريك سيوتي، المتحالف مع حزب "التجمع الوطني"، بتصريحات مثيرة حول ارتفاع معدلات الجريمة والعنف في البلاد، مستشهداً بأرقام محددة. زعم سيوتي أن فرنسا تشهد ألف حادث عنف يومياً، و5 آلاف جريمة قتل أو محاولة قتل سنوياً، مدعياً أن هذه الأرقام تضاعفت منذ انتخاب إيمانويل ماكرون رئيساً، وأن فرنسا هي الدولة الأكثر عنفاً في أوروبا.
لكن تدقيق البيانات الإحصائية المتاحة يقدم صورة أكثر تعقيداً ودقة.
فيما يتعلق بجرائم القتل ومحاولات القتل، فإن الرقم الإجمالي الذي ذكره إريك سيوتي (حوالي 5000) قريب بالفعل من البيانات الرسمية. فقد أفادت وزارة الداخلية الفرنسية عن تسجيل ما يقرب من 5300 حادث من هذا القبيل في عام 2024. ومن المهم الإشارة إلى أن الغالبية العظمى من هذه الحوادث (4305) كانت محاولات قتل، بينما بلغ عدد جرائم القتل المكتملة 980 جريمة.
تطور الأرقام يختلف بين الفئتين. عدد جرائم القتل ظل مستقراً إلى حد كبير على مدى العقد الماضي، حيث ارتفع بنسبة 7% فقط (من 911 في عام 2016 إلى 980 في عام 2024). وبالتالي، فإن الادعاء بتضاعف عدد جرائم القتل ليس دقيقاً. في المقابل، شهد عدد محاولات القتل ارتفاعاً كبيراً، حيث تضاعف تقريباً - من 2259 في عام 2016 إلى 4305 في عام 2024، مسجلاً زيادة قدرها 90%.
بالنسبة للرقم الذي ذكره سيوتي وهو 1000 حادث عنف يومياً (الاعتداءات والإصابات المتعمدة)، فقد كان مبالغاً فيه قليلاً. وفقاً للبيانات الرسمية الأولية لعام 2024، تم تسجيل حوالي 336,800 حادث من هذا النوع، بمتوسط حوالي 920 حادثاً يومياً.
نقطة جوهرية لم يذكرها السياسي: أكثر من نصف هذه الحوادث العنيفة تندرج ضمن العنف الأسري. إذا تم احتساب الاعتداءات التي لا تحدث داخل الأسرة فقط، فإن المتوسط اليومي ينخفض بشكل كبير إلى 392 حادثاً.
الزيادة في العنف الجسدي بشكل عام منذ عام 2017 ليست تضاعفاً، بل حوالي 57%. إذا تم استثناء العنف الأسري، فإن الزيادة تبلغ 20%.
أما الادعاء بأن فرنسا هي الدولة الأكثر عنفاً في أوروبا فيحتاج أيضاً إلى توضيح. بينما تحتل فرنسا مراتب متقدمة في الأرقام المطلقة لبعض فئات الجرائم العنيفة مجتمعة، تتغير الصورة عند احتسابها بالنسبة لعدد السكان. ففيما يتعلق بمحاولات القتل، فرنسا الأولى في أوروبا من حيث الأرقام المطلقة، لكنها الخامسة عند احتسابها بالنسبة لعدد السكان. وفيما يتعلق بجرائم القتل، فرنسا هي الثانية في الأرقام المطلقة (بعد تركيا)، لكنها العاشرة بالنسبة لعدد السكان.
وأخيراً، من المهم وضع هذه الأرقام في منظور المخاطر الفردية. الخطر اليومي لأن يكون الشخص ضحية اعتداء متعمد أو إصابة في فرنسا منخفض للغاية إحصائياً - حوالي 0.000013%. بالنسبة للحوادث غير الأسرية، الخطر أقل (0.000005%). خطر القتل اليومي ضئيل للغاية - حوالي 0.00000004%.