حروب الجواسيس: 60 عامًا من الصراع الخفي بين فرنسا والجزائر

حروب الجواسيس: 60 عامًا من الصراع الخفي بين فرنسا والجزائر

في كلمات قليلة

تدهورت العلاقات بين فرنسا والجزائر بشكل حاد، لكن خلف الأزمة الدبلوماسية الرسمية تكمن حرب جواسيس مستمرة منذ ستين عامًا. من حرب التحرير إلى اليوم، يكشف تاريخ العمليات السرية والاغتيالات عن الطبيعة المزدوجة للعلاقات بين البلدين.


خلف التوترات الدبلوماسية المتصاعدة بين باريس والجزائر، والتي شهدت تدهورًا مستمرًا منذ الصيف الماضي، تكمن حرب أخرى أكثر سرية وعمقًا: إنها حرب الجواسيس. هذا الصراع الخفي بين أجهزة المخابرات ليس وليد اللحظة، بل يمتد لأكثر من ستين عامًا، كاشفًا عن الطبيعة المزدوجة والمعقدة للعلاقات بين البلدين.

تعود جذور هذا الصراع إلى حرب التحرير الجزائرية، حيث استخدمت الأجهزة السرية الفرنسية أساليب قاسية تركت أثرًا دائمًا. فقد عملت على اختراق جبهة التحرير الوطني (FLN)، ونفذت عمليات اغتيال استهدفت ليس فقط النشطاء المطالبين بالاستقلال، بل وعائلاتهم أيضًا. هذه الممارسات الأولية سممت العلاقات بشكل دائم بين جواسيس باريس والجزائر.

في أوائل السبعينيات، شهدت هذه الحرب فصلًا جديدًا من خلال شخصية فريدة تُعرف بـ\"جيمس بوند الجزائري\"، رشيد ثابتي. تمكن ثابتي من التسلل إلى أعلى الدوائر الفرنسية، حيث انتحل شخصية أمير من جزيرة تركية وأغوى سكرتيرة في وزارة الخارجية الفرنسية، مما مكنه من الحصول على وثائق سرية للغاية. هذه العملية الجريئة سمحت للجزائر بتأميم قطاع النفط بشروط مثالية، مما وجه ضربة قاصمة للمصالح الفرنسية.

ولم تتوقف المواجهات عند هذا الحد. ففي 7 أبريل 1987، اهتزت باريس على وقع اغتيال المحامي والمعارض الجزائري علي مسيلي بثلاث رصاصات في الرأس في مدخل مبناه. سرعان ما وجهت أصابع الاتهام إلى الأجهزة السرية الجزائرية. لكن، وبشكل مثير للريبة، بدا أن فرنسا تغض الطرف عن الحادثة، مما يطرح تساؤلات حول طبيعة التعاون وتبادل المعلومات بين الجانبين، خاصة في ظل تصاعد الحركات الإسلامية على الضفة الأخرى من المتوسط.

واليوم، وصلت العلاقات الاستخباراتية إلى طريق مسدود. منذ الصيف الماضي، قُطعت خطوط الاتصال بين أجهزة المخابرات الفرنسية والجزائرية، وتصاعدت التوترات مجددًا بسبب قضية اختطاف مواطن، مما يثبت أن الحرب السرية بين البلدين لا تزال فصلًا حيويًا ومؤثرًا في كتاب علاقاتهما المضطربة.

نبذة عن المؤلف

فيكتور - محلل سياسي ذو خبرة طويلة في وسائل الإعلام الأمريكية. تساعد مقالاته التحليلية القراء على فهم تعقيدات النظام السياسي الأمريكي.