هيمنة الطائرات المسيرة: هل يتخلى الإنسان عن مصيره للتكنولوجيا ليصبح عبداً لها؟

هيمنة الطائرات المسيرة: هل يتخلى الإنسان عن مصيره للتكنولوجيا ليصبح عبداً لها؟

في كلمات قليلة

تغير تكنولوجيا الطائرات المسيرة العالم وتستخدم بشكل مكثف في الصراعات الدولية. يخشى بعض الخبراء من أن البشرية قد تصبح معتمدة على هذه التقنيات والأدوات التي خلقتها.


أصبحت الطائرات المسيرة، أو "الدرونز"، منتشرة في كل مكان في العالم المعاصر. تختلف هذه الطائرات في أحجامها واستخداماتها؛ فمنها ما يزن بضعة جرامات ومنها ما يصل وزنه إلى مئات الكيلوغرامات، وتُستخدم لأغراض مدنية وعسكرية.

بات وجود الطائرات المسيرة محسوساً في جميع المجالات، مؤثراً على جوانب الحياة المختلفة. على سبيل المثال، وردت تقارير مؤخراً عن حادثة مقلقة تتعلق بطائرة مسيرة إسرائيلية حلقت فوق سفينة، ولم يتضح ما إذا كانت في مهمة استطلاع أم هجوم.

حجم استخدام الطائرات المسيرة في الصراعات العسكرية مذهل. في سيبيريا، يُقال إن 117 طائرة مسيرة من طراز FPV (عرض الشخص الأول)، تم التحكم فيها عن بعد، تمكنت من تدمير عدة قاذفات استراتيجية روسية. هذه العملية، التي يُعتقد أنها نُظمت من أوكرانيا تحت اسم "شبكة العنكبوت"، أظهرت قدرة تدميرية عالية للطائرات المسيرة الصغيرة. تشير بعض المصادر إلى وجود أنظمة مكافآت لمشغلي الطائرات المسيرة، حيث تُمنح نقاط مقابل تدمير المعدات أو قتل جنود العدو، وغالباً ما يكون ذلك مدعوماً بمقاطع فيديو.

العالم يزداد شبهاً بلعبة إلكترونية يتم فيها كل شيء عن بُعد؛ والفرق الوحيد هو أنه في الواقع لا توجد حياة ثانية.

تُستخدم الطائرات المسيرة بكثافة في مناطق النزاع حول العالم: في السودان وسوريا وليبيا. في اليمن، تمكن الحوثيون، باستخدام طائرات مسيرة لا تتجاوز تكلفتها بضعة آلاف من الدولارات، من شل ما يصل إلى 50% من إنتاج النفط في المملكة العربية السعودية. كما ترد تقارير عن استخدامها في منطقة خيرسون بأوكرانيا وفي العديد من المناطق الأخرى.

هذا التوجه في تطوير التكنولوجيا، وخاصة الطائرات المسيرة، يثير تساؤلات جادة حول مستقبل الإنسان ودوره. هناك وجهة نظر مفادها أن البشر، بسبب شعورهم بالإرهاق من تعقيدات الوجود، يتخلون تدريجياً عن مفاتيح مصيرهم لكائنات غير حية وأنظمة حسابية، مخاطرين بأن يصبحوا أسرى لها أو حتى عبيداً لها قريباً. انتشار الأنظمة المستقلة القادرة على اتخاذ قرارات في ساحة المعركة أو في مجالات حيوية أخرى يعزز هذه المخاوف. التكنولوجيا، التي صُممت في الأصل كأداة، قد تتحول تدريجياً إلى قوة مهيمنة تحدد مسار تطور المجتمع وحياة كل فرد.

نبذة عن المؤلف

سيرجي - محلل اقتصادي، يحلل الأسواق المالية في فرنسا والاتجاهات الاقتصادية العالمية. تساعد مقالاته القراء على فهم العمليات الاقتصادية المعقدة.