لأول مرة منذ 1945: فرنسا تسجل وفيات أكثر من المواليد في تحول ديموغرافي تاريخي

لأول مرة منذ 1945: فرنسا تسجل وفيات أكثر من المواليد في تحول ديموغرافي تاريخي

في كلمات قليلة

تشهد فرنسا تحولًا ديموغرافيًا تاريخيًا، حيث تجاوز عدد الوفيات عدد المواليد لأول مرة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. يثير هذا الانخفاض الطبيعي في عدد السكان مخاوف جدية بشأن مستقبل نظام التقاعد والنمو الاقتصادي. وتدرس الحكومة الفرنسية إجراءات عاجلة لمواجهة الأزمة.


في تحول تاريخي جاء أسرع من المتوقع، سجلت فرنسا عدد وفيات أكثر من المواليد لأول مرة منذ عام 1945. وفقًا لبيانات المرصد الفرنسي للظروف الاقتصادية المستندة إلى إحصاءات المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية (Insee)، شهدت الفترة من مايو 2024 إلى مايو 2025 تسجيل 651,200 حالة وفاة مقابل 650,400 ولادة. هذا التجاوز يرمز إلى بداية انخفاض دائم في معدلات المواليد وشيخوخة السكان.

ينتج هذا الانعكاس في الرصيد الطبيعي للسكان عن ظاهرتين متزامنتين. من ناحية، يتآكل معدل المواليد بشكل مستمر، حيث انخفض بنسبة 4% في الأشهر الخمسة الأولى من عام 2025 مقارنة بنفس الفترة من عام 2024. كما تراجع معدل الخصوبة من 2.0 طفل لكل امرأة في عام 2014 إلى 1.6 في عام 2024. ووفقًا للمعهد الوطني للدراسات الديموغرافية (INED)، فإن \"نوايا الإنجاب قد انخفضت في جميع الفئات الاجتماعية\"، وهو ما يرتبط جزئيًا بالتقدم المجتمعي مثل تعليم المرأة وحقوقها والتوسع الحضري.

من ناحية أخرى، يرتفع معدل الوفيات مدفوعًا بشيخوخة جيل \"طفرة المواليد\" (baby boomers)، حيث احتفل أوائل هذا الجيل بعيد ميلادهم الثمانين هذا العام. وقد ارتفع متوسط الوفيات اليومية بنسبة 3.6% بين يناير ومايو 2025 مقارنة بعام 2024. كان من المتوقع حدوث هذا التحول في عام 2027، لكنه حدث قبل عامين من التوقعات.

هذا التراجع الديموغرافي له عواقب وخيمة على المجتمع الفرنسي. حذر الخبراء من أن \"انخفاض عدد المواليد يؤدي مع مرور الوقت إلى تضاؤل أعداد تلاميذ المدارس، ثم الطلاب، وأخيرًا القوى العاملة والمساهمين في أنظمة الضمان الاجتماعي، الذين يمثلون أساس نماذجنا الاقتصادية والاجتماعية\". يعتمد نظام التقاعد القائم على التوزيع وتمويل الحماية الاجتماعية على توازن دقيق بين العاملين والمتقاعدين، وهذا التوازن أصبح الآن في خطر.

إدراكًا لخطورة الموقف، أطلق الرئيس إيمانويل ماكرون في يناير 2024 دعوة إلى \"إعادة تسليح ديموغرافي\". تم طرح فكرة \"إجازة ولادة\" جديدة، ومن المتوقع مناقشتها ضمن ميزانية عام 2026. كما أعلنت الحكومة عن خطة واسعة لدعم الأبوة والأمومة وحماية الطفولة، تشمل تعزيز الرعاية في فترة ما حول الولادة وإنشاء \"مراكز راحة\" للأسر، بهدف خلق بيئة أكثر ملاءمة لزيادة المواليد.

ستكون الأرقام نصف السنوية القادمة من المعهد الوطني للإحصاء، المتوقعة الأسبوع المقبل، محط أنظار الجميع. ستكشف هذه الأرقام ما إذا كان يمكن عكس هذا الاتجاه، أم أن فرنسا قد دخلت بالفعل في مرحلة طويلة الأمد من الرصيد الطبيعي السلبي، بكل ما يترتب على ذلك من تداعيات اقتصادية واجتماعية.

نبذة عن المؤلف

ناتاليا - صحفية اجتماعية، تغطي قضايا الهجرة والتكيف في فرنسا. تساعد تقاريرها السكان الجدد في فهم البلاد وقوانينها بشكل أفضل.