
في كلمات قليلة
يناقش مجلس الشيوخ الفرنسي مشروع قانون للاعتراف بمسؤولية الدولة عن تلوث واسع النطاق بمبيد الكلورديكون في جزر الأنتيل. مشروع القانون يواجه انتقادات لتقييده مسؤولية الدولة وعدم تضمينه تعويضات كافية للضحايا.
يعكف مجلس الشيوخ الفرنسي حاليًا على دراسة مشروع قانون يهدف إلى الاعتراف بمسؤولية الدولة عن الأضرار التي لحقت بالصحة والبيئة والاقتصاد في جزر الأنتيل الفرنسية (جوادلوب ومارتينيك) بسبب استخدام مبيد الآفات الكلورديكون. كان هذا المبيد يستخدم على نطاق واسع في مزارع الموز في هاتين المنطقتين حتى عام 1993، على الرغم من وجود تحذيرات سابقة حول خطورته.
ويهدف مشروع القانون، الذي قُدم لأول مرة في الجمعية الوطنية، إلى الإقرار رسميًا بدور الدولة في المشاكل الصحية والبيئية والاقتصادية التي يعاني منها السكان المتضررون. ومع ذلك، يرى مؤيدو المشروع أنه قد تم إضعافه بشكل كبير من خلال تعديلات الحكومة.
من النقاط الرئيسية المثيرة للجدل في مشروع القانون هي مسألة نطاق مسؤولية الدولة. الصيغة الأصلية للمشروع كانت تهدف إلى الاعتراف بالدولة على أنها «المسؤول الأول، المسؤول بشكل كامل وتام». لكن المناقشات شهدت دعوات للاعتراف بـ «جزء من المسؤولية» فقط.
النقطة الهامة الثانية تتعلق بتعويض الضحايا. يطالب العديد من النواب والشيوخ من مارتينيك وجوادلوب بالاعتراف بالأضرار المعنوية أو «أضرار القلق» الناتجة عن المبيد. كانوا يأملون في أن يتمكن أي شخص تعرض لمادة الكلورديكون، سواء بشكل مباشر أو عن طريق الانتقال الوراثي، والذي يخشى من آثاره المستقبلية، من طلب تعويض مالي من الدولة حتى لو لم تظهر عليه أعراض حالية. هناك دراسات تشير إلى انتقال الكلورديكون عبر الدم، مما يزيد من القلق بشأن الأجيال القادمة.
لكن تعديلات الحكومة، التي حظيت بدعم الأغلبية في مجلس الشيوخ، قلصت بشكل كبير نطاق هذه المبادرة. تم حذف طلب إنشاء صندوق تعويضات مخصص للكلورديكون، كما تم إلغاء الاعتراف بالضرر المعنوي الناتج عن مجرد القلق. ترى الدولة أن مجرد التعرض للمبيد ليس دليلاً كافيًا لإثبات علاقة سببية مع الأمراض.
هذا الموقف يتعارض مع قرار قضائي حديث صادر عن المحكمة الإدارية في مارتينيك في مايو الماضي، والذي ألزم الدولة بتعويض عاملتين زراعيتين سابقتين عن «ضرر القلق» المرتبط بتعرضهما المزمن للكلورديكون. كانت العاملتان، اللتان عملتا لسنوات في مزارع الموز في مارتينيك، تخشيان من خطر الإصابة بأمراض خطيرة مثل الشلل الرعاش (الباركنسون) أو أنواع معينة من السرطان نتيجة التعرض الطويل للمبيد.
ويعبر ممثلو جزر الأنتيل عن قلقهم البالغ إزاء الوضع الحالي. ويقولون إن تمرير مشروع القانون دون الأخذ بتعديلاتهم سيكون بمثابة «تراجع كامل» و «إهانة للضحايا». تجدر الإشارة إلى أنه كانت هناك اقتراحات سابقة أكثر طموحًا، مثل إنشاء مؤسسة عامة مستقلة لتنسيق السياسات المتعلقة بالكلورديكون وتخصيص صندوق للبحث والتعويضات، لكنها لم تلق الدعم اللازم في البرلمان.
تعد مشكلة الكلورديكون واسعة النطاق في جزر الأنتيل الفرنسية. وفقًا للوكالة الوطنية للسلامة الصحية (Anses)، فإن أكثر من 90% من السكان البالغين في جوادلوب ومارتينيك ملوثون بالكلورديكون، حسب بيانات يوليو 2021. وخلصت الوكالة إلى وجود علاقة سببية محتملة بين الكلورديكون وخطر الإصابة بسرطان البروستاتا.
يُعتقد أيضًا أن فضيحة الكلورديكون وما ترتب عليها من مشاكل صحية وبيئية قد ساهمت في ارتفاع مستوى عدم الثقة في حملات التطعيم بين سكان الأنتيل. ويواصل السكان المطالبة بإجراء فحوصات طبية مجانية لتقييم آثار المبيد على صحتهم.