
في كلمات قليلة
تشهد منطقة قونيا في تركيا ظهور مئات الحفر الأرضية العملاقة التي تتسبب في خوف السكان. يُعتقد أن هذه الظاهرة مرتبطة باستنزاف الموارد المائية وتغير المناخ.
في سهول منطقة كارابينار بقلب الأناضول الريفي في تركيا، تتناقل الأحاديث عن أن الأرض قد أصابها "الجنون". في السنوات الأخيرة، شهدت هذه المنطقة زيادة غير مسبوقة في ظهور الحفر الأرضية العملاقة التي تخترق الأراضي الزراعية والمراعي.
يبلغ عدد هذه الحفر الآن أكثر من 650 حفرة في منطقة قونيا وحدها، وبعضها يمكن أن يصل قطره وعمقه إلى عشرات الأمتار. يروي السكان قصصاً عن ظهور حفرة ضخمة فجأة في حقل كان المزارع قد أنهى حرثه أو زرعه للتو. يعتبر الجميع محظوظين لعدم ابتلاع أي شخص حتى الآن، لكن الخوف والقلق أصبحا جزءاً من الحياة اليومية.
تقع كارابينار على أطراف قونيا، أكبر مقاطعة في تركيا، وهي منطقة شبه قاحلة بطبيعتها. اسمها يعني "النبع الأسود"، وهو نبع جف منذ زمن بعيد. كل شيء هنا يبدو جافاً؛ الرياح تضرب المناظر الطبيعية المكونة من السهوب القاحلة والأراضي المزروعة والمراعي، وتنتشر فيها فوهات وتلال البراكين الخامدة. لا أشجار، لا أنهار، ونادراً ما تهطل الأمطار. هذه المنطقة هي من أكثر المناطق جفافاً في البلاد.
يربط العلماء والخبراء ظهور هذه المئات من الحفر بانخفاض منسوب المياه الجوفية بشكل كبير، نتيجة للاستخدام المفرط في الري وتغير المناخ الذي أدى إلى تفاقم الجفاف. يؤدي سحب كميات هائلة من المياه من باطن الأرض إلى انهيار الكهوف والفراغات تحت السطح، مما يتسبب في تشكل هذه البالوعات الضخمة على السطح.
بالنسبة للمزارعين في كارابينار، أصبح الأمر خياراً صعباً بين ترك أراضيهم المتوارثة عن الأجداد أو الاستمرار في العيش والعمل على أرض قد تبتلعهم في أي لحظة، مما يهددهم بالفقر المدقع. لقد غادرت العديد من النساء والأطفال إلى المدن الأكثر أمناً، تاركين الرجال لمواجهة هذا الواقع المرعب بمفردهم.
إن ظاهرة الحفر الأرضية في قونيا ليست مجرد مشكلة محلية، بل هي مؤشر خطير على استنزاف الموارد الطبيعية الحيوية وتأثير التحديات البيئية والمناخية المتزايدة على حياة البشر والمجتمعات الريفية.