
في كلمات قليلة
الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال محتجز في الجزائر لأكثر من ستة أشهر. تثير قضيته تساؤلات حول غياب رد الفعل الفرنسي الرسمي والإعلامي، وهو صمت يربطه البعض بقضايا تاريخية وسياسية بين البلدين.
الكاتب الفرنسي من أصول جزائرية بوعلام صنصال محتجز في الجزائر منذ أكثر من ستة أشهر. يصفه مؤيدوه بأنه كاتب فرنسي بريء، وقع ضحية "قلمه الناجح" وأفكاره وحبه لفرنسا، وهو حب لا يتعارض مع شغفه ببلده الجزائر.
يُشير المحامي والكاتب جي-غيوم غولدناجل إلى أن صنصال محتجز كـ"رهينة للنظام الجزائري"، وليس سجيناً بالمعنى القانوني، ولا يحق له اختيار محاميه. ويؤكد غولدناجل أنه "لا توجد عدالة جزائرية، بل هناك ديكتاتورية".
كمثال على ذلك، يذكر رفض محكمة فرنسية مؤخراً طلب الجزائر تسليم مسؤول بارز في الحركة من أجل استقلال القبائل (الماك)، معتبراً أن الطلب كان مبنياً على "أوهام وأكاذيب مجنونة". ويرى غولدناجل أن "اللامبالاة الإعلامية بمصير الشعب القبائلي" هي أيضاً إحدى الإشارات التي تغذي تحليله النفسي-السياسي.
أحدث وأكثر الأمثلة صدمة على هذه اللامبالاة كان الصمت الذي التزم به الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي لم يذكر اسم بوعلام صنصال خلال مقابلة تلفزيونية استمرت ثلاث ساعات في 13 مايو. يعتبر غولدناجل أن هذا الصمت ليس سياسياً فحسب، بل معبر نفسياً أيضاً.
يُرجع غولدناجل هذا الموقف إلى ما يسميه "المازوخية الفرنسية" المرتبطة بالشعور "بالذنب الغربي" وضرورة "التكفير عن جرائمه". ويستشهد بتصريحات ماكرون في عام 2017 عندما "اعتذر" في الجزائر عن "جرائم ضد الإنسانية" ارتكبتها فرنسا، وكذلك تكليف ماكرون في عام 2021 للمؤرخ بنجامين ستورا، المعروف بقراءته أحادية الجانب للمسؤوليات الفرنسية، بإعداد تقرير عن العلاقات الفرنسية الجزائرية.
يؤكد غولدناجل أن النخبة السياسية الفرنسية، في ظل "صمت إعلامي متواطئ"، تمارس "رقابة ذاتية بدافع العقد"، بينما تستغل الجزائر ومؤيدوها ذلك "بطريقة سادية متناظرة".
تظهر نفس "المازوخية الفرنسية" في المجال الإعلامي أيضاً، حيث نادراً ما يُذكر اسم صنصال في وسائل الإعلام العامة وصحيفة Le Monde. يتطرق غولدناجل أيضاً إلى معاملة الكاتب كمال داود، صديق صنصال، الذي يواجه ملاحقات قضائية من قبل النظام الجزائري، ويرى أن الصحافة اليسارية تتجاهل هذه الملاحقات، بينما تتعاطف مع دعاوى قضائية أخرى ضده تتعلق بأعماله الروائية.
يعتبر غولدناجل أن هذا الخلل في التوازن الرمزي يعكس "تسلسلاً هرمياً ضمنياً للآلام". فالنظام الجزائري يجد في إضعاف القوة الاستعمارية السابقة "مبررات لمشاكله الاقتصادية والسياسية". ويرى غولدناجل أن استمرار فرنسا في هذا السلوك يقدم "أسوأ خدمة للجزائر الشابة"، حيث يبقيها في حالة "استياء هوسي" مبني على "ثقافة الأعذار المعطلة". ويضيف أن ما هو "أقل منطقية" هو أن المؤيدين الفرنسيين للديكتاتورية الجزائرية من اليسار المتطرف "يستمتعون هم أيضاً بالإذلال المرضي لبلدهم".