في كلمات قليلة
يُنظر إلى سقوط نظام بشار الأسد في سوريا قبل عام على أنه نقطة النهاية لدورة من الانتفاضات والقمع التي انطلقت من تونس قبل خمسة عشر عاماً، مع تحذيرات من عودة الاستبداد في المنطقة.
يوافق الثامن من ديسمبر الذكرى السنوية الأولى لسقوط بشار الأسد في سوريا. لم يكن فرار الأخير المثير للشفقة إلى موسكو إيذاناً بنهاية واحدة من أسوأ الديكتاتوريات في الشرق الأوسط فحسب، بل كان أيضاً نقطة وصول، لا تزال غير مؤكدة، لدورة من الانتفاضات والقمع التي بدأت من تونس قبل خمسة عشر عاماً، بعد الصدمة التي أحدثها إحراق بائع متجول شاب لنفسه في ديسمبر 2010، احتجاجاً على تعسف نظام زين العابدين بن علي.
شهد عام 2011 موجة "الربيع العربي" كأول مثال على التعبئة الأفقية والفورية عبر شبكات التواصل الاجتماعي التي أصبحت مرادفاً للحرية المكتشفة حديثاً، في مواجهة الأنظمة السياسية المغلقة والمنهكة في شمال إفريقيا والشرق الأوسط. أطاحت هذه الموجة تباعاً بحكام تونس ومصر وليبيا، لكنها لم تترك وراءها سوى أنقاض أنظمتهم. فبعد نفي غير مشرف لزين العابدين بن علي، ومرور مهين بالسجن لغيره، وعمليات إعدام بشعة لآخرين.
بشار الأسد، الذي وصل إلى سدة الحكم في سوريا قبل عقد من الزمن، كان من الممكن أن يلقى مصيراً مختلفاً لو كان قادراً على تجاوز عادات سياسية متجذرة من التعذيب والسجون. كان هذا بالطبع طلباً مستحيلاً، كما أظهرت الحرب الأهلية التي فضل الرئيس السوري أن يفرضها على شعبه بدلاً من تقاسم السلطة. بعد زمن الآمال، جاء زمن الرد الاستبدادي، الذي سرعان ما دعمته ممالك الخليج. فقد كانت هذه الممالك قد أُزعجت من النجاحات الانتخابية للقوة السياسية المنظمة الوحيدة، وهي الأحزاب التي تنتمي إلى الإسلام السياسي، والتي سُجلت خلال الانتخابات التي نُظمت في تونس ومصر وليبيا.
سواء كانت هذه التشكيلات تنتمي إلى تيار الإخوان المسلمين أو إلى تيارات سلفية، فقد كشفت عن حدود التعبئة المدنية الأفقية التي تمكن الليبراليون من إسماع صوتهم فيها. ويبدو أن انتهاء هذه الدورة في سوريا قبل عام، بانتصار خاطف لجهادي سابق، أحمد الشرع، الذي يدعو إلى رؤية محافظة للمجتمع السوري مخففة قليلاً بتنوعه المجتمعي، بمثابة نقش جنائزي متناقض.