تباطؤ جهود فرنسا في خفض انبعاثات الغازات الدفيئة يهدد أهدافها المناخية

تباطؤ جهود فرنسا في خفض انبعاثات الغازات الدفيئة يهدد أهدافها المناخية

في كلمات قليلة

تباطأت جهود فرنسا في خفض انبعاثات الغازات الدفيئة بشكل كبير في عام 2024 مقارنة بالعام السابق. هذا التباطؤ يهدد قدرة البلاد على تحقيق أهدافها المناخية لعام 2030 ويتطلب تسريعاً فورياً للجهود في مختلف القطاعات.


أظهر تقرير سنوي صادر عن الهيئة الفرنسية Citepa أن وتيرة انخفاض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في فرنسا تباطأت بشكل ملحوظ خلال عام 2024، مما يبعد البلاد عن مسار تحقيق أهدافها المناخية الطموحة.

وبلغ الانخفاض في إجمالي الانبعاثات (باستثناء بالوعات الكربون الطبيعية مثل الغابات) 1.8% فقط في عام 2024 مقارنة بالعام السابق. يمثل هذا تباطؤاً حاداً مقارنة بانخفاض بنسبة 5.8% تم تسجيله في عام 2023 مقارنة بعام 2022. وصف الخبراء هذا التباطؤ بأنه "كبح حقيقي"، حيث انقسم معدل الانخفاض إلى الثلث.

ووصل إجمالي انبعاثات البلاد إلى 369 مليون طن مكافئ لثاني أكسيد الكربون في عام 2024. يشمل هذا الرقم جميع غازات الاحتباس الحراري، وليس فقط ثاني أكسيد الكربون. وتأتي هذه الأرقام في ظل حالة "متردية" لبالوعات الكربون الطبيعية (الغابات، إلخ)، التي تمتص اليوم كميات أقل من ثاني أكسيد الكربون بسبب الجفاف المتكرر والأمراض وزيادة حصاد الأخشاب.

كان قطاع الطاقة هو الوحيد الذي حقق أداءً جيداً، حيث سجل انخفاضاً في انبعاثاته بنسبة 10.2% مقارنة بعام 2023. ويعزى هذا التحسن إلى "انخفاض الطلب على وسائل الإنتاج التي تعمل بالوقود الأحفوري"، بفضل استمرار تعافي إنتاج الطاقة النووية وارتفاع إنتاج الطاقة الكهرومائية.

أما في القطاعات الأخرى، فقد كان الانخفاض أقل بكثير:

  • **الصناعة:** تباطأ الانخفاض بشكل كبير من 10.2% في 2023 إلى 1.4% فقط في 2024، ويعود بشكل أساسي إلى انخفاض حجم الإنتاج.
  • **قطاع المباني:** بلغ الانخفاض 0.7% فقط. ورغم ضآلته، يعزى هذا الانخفاض إلى التغيير التدريجي في أنظمة التدفئة وشتاء معتدل نسبياً، لكن ارتفاع أسعار الطاقة والتعليق المرتقب للمساعدة الحكومية الرئيسية لتجديد المباني قد يؤثر سلباً على النتائج القادمة.
  • **النقل البري:** وهو القطاع الأكثر إطلاقاً للانبعاثات في فرنسا (ما يقرب من ثلث الإجمالي)، لم يتجاوز الانخفاض فيه 1.2%. يرى الخبراء أن الوتيرة ليست بالمستوى المطلوب، وأن تطوير السيارات الكهربائية والتحول إلى وسائل نقل أخرى لم يتم بالسرعة المخطط لها.
  • **الزراعة:** ظل الانخفاض متواضعاً جداً (-0.5%)، ويرتبط بشكل أساسي بتراجع أعداد رؤوس الماشية والخنازير، مما أثر على انبعاثات الميثان وأكسيد النيتروز.

تعهدت فرنسا بتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050 كجزء من اتفاقية باريس للمناخ. وتتضمن الأهداف الجديدة لعام 2030 خفض الانبعاثات الإجمالية بنسبة 50% مقارنة بمستويات عام 1990، لتصل إلى 270 مليون طن مكافئ لثاني أكسيد الكربون سنوياً بنهاية العقد. وهذا يتطلب متوسط انخفاض سنوي يبلغ حوالي 5% حتى عام 2030.

من الواضح أن الوتيرة الحالية (1.8%) غير كافية لتحقيق هذه الأهداف. وتؤكد الهيئة المسؤولة عن التقرير أنه "سيكون من الضروري تسريع وتيرة الخفض لجميع القطاعات". ووفقاً لأحدث حسابات الأمم المتحدة، فإن السياسات المناخية الحالية في العالم تؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار 3.1 درجة مئوية خلال القرن، وهو ما يوصف بأنه "كارثي".

نبذة عن المؤلف

باول - محلل دولي، يحلل السياسة الخارجية لفرنسا والعلاقات الدولية. تساعد تعليقاته الخبراء في فهم موقف فرنسا على الساحة العالمية.