
في كلمات قليلة
يشتكي سكان مرسيليا من التلوث الكبير للهواء الناتج عن السفن السياحية والعبّارات في ميناء المدينة. رداً على المخاوف، يستثمر ميناء مرسيليا في مشروع ضخم لتوفير الكهرباء للسفن الراسية بهدف إيقاف محركاتها والحد من الانبعاثات.
باتت السفن السياحية والعبّارات العملاقة التي ترسو في ميناء مرسيليا هدفاً لقلق السكان المجاورين، بسبب تلوث الهواء الذي تسببه. من جانبه، يؤكد ميناء مرسيليا، الواقع في قلب ثاني أكبر مدن فرنسا، أنه يعمل بأقصى جهده للحد من المخاطر.
يواجه سكان الأحياء القريبة من الميناء، مثل حي ليستاك الساحر المعروف بشوارعه الضيقة وإطلالته على البحر الأبيض المتوسط، مشاكل يومية بسبب انبعاثات السفن. تشكو ماري بروست-كوليتا، التي تسكن بالقرب من الميناء، من تراكم السخام والكربون على نوافذها، وتقول: "في وقت من الأوقات، كنت أجمع السخام الأسود حتى على حافة النافذة. كان هذا واقعنا اليومي". النشاط البحري في مرسيليا، وخاصة نقل الركاب (استقبل الميناء 588 زيارة لسفن سياحية في عام 2024)، أصبح مصدر توتر وقلق رغم أهميته للمدينة.
تؤكد ماري بروست-كوليتا، وهي أيضاً نائبة رئيس جمعية محلية، أن "عندما تهب الرياح من البحر، ينتشر الدخان فوق كل مرسيليا. هذه السفن تلوث رئاتنا". وقد رفعت جمعيتها دعوى قضائية في عام 2023 تتهم فيها الميناء بتعريض حياة الآخرين للخطر، مما يعكس مدى القلق المحيط بأنشطة الميناء التي يعتقد السكان أنها تولد جزيئات دقيقة وملوثات خطيرة على الصحة.
يعترف رئيس مجلس إدارة ميناء مرسيليا الكبير بوجود "ضغط من السكان حول الميناء"، ويقر بأن الموضوع الأكبر، إلى حد بعيد، هو تلوث الغلاف الجوي. اتجهت بعض السفن في السنوات الأخيرة لتجهيز نفسها بأنظمة غسل العادم (scrubbers) أملاً في تقليل الانبعاثات. لكن المشكلة تستمر: عند كل توقف، حتى وهي راسية، تستمر المحركات في العمل لتزويد السفينة بالكهرباء. يذكر أن متوسط مدة رسو العبّارات كان 10 ساعات في عام 2024، وأقل بساعة واحدة فقط لسفن السياحة.
لكن اللوائح الأوروبية ستفرض بحلول عام 2030 أن يكون التوصيل بالكهرباء على الرصيف إلزامياً لجميع سفن الحاويات ونقل الركاب. منذ عدة سنوات، يحاول الميناء استباق هذا التغيير من خلال تركيب البنية التحتية اللازمة. يقول رئيس الميناء إنه بالنسبة لخطوط كورسيكا، 80% من أرصفة الرسو مجهزة اليوم، و60% من السفن قادرة على الاتصال. وبالنسبة لخطوط المغرب العربي، 80% مجهزة أيضاً، ولكن 25% فقط من السفن قادرة على الاتصال حالياً. يهدف الميناء إلى تجهيز 75% من السفن المتجهة للمغرب العربي بحلول نهاية عام 2025.
يهدف الميناء، بميزانية تبلغ 170 مليون يورو وبدعم من الاتحاد الأوروبي والسلطات المحلية، إلى تجهيز جميع أرصفة الركاب بوصلات كهربائية بحلول عام 2028، أي قبل عامين من الموعد النهائي الأوروبي. سيصبح بذلك من بين أول عشرين ميناء في العالم يتبنى هذه التكنولوجيا. من المقرر إجراء اختبارات في نهاية عام 2025 للسماح بربط سفينتين سياحيتين في وقت واحد.
مع ذلك، لا يزال الطريق طويلاً وفقاً لدراسة أجرتها هيئة محلية لقياس تلوث الهواء. فبينما انخفضت انبعاثات أكسيد النيتروجين المرتبطة بالنقل البري في مرسيليا إلى النصف بين عامي 2012 و2022، ارتفعت الانبعاثات المرتبطة بالنقل البحري بنحو 17%. في عام 2022، كانت 52.87% من انبعاثات أكسيد النيتروجين في مرسيليا ناتجة عن النقل البحري، مقابل 31.2% فقط للنقل البري.