"إلدورادو الأدوية".. كيف أغضب النجاح الصيدلاني لأيرلندا دونالد ترامب؟

"إلدورادو الأدوية".. كيف أغضب النجاح الصيدلاني لأيرلندا دونالد ترامب؟

في كلمات قليلة

يهدد دونالد ترامب بفرض تعريفات جمركية بنسبة 200% على المنتجات الصيدلانية الأيرلندية، متهماً "النمر السلتي" باستغلال الولايات المتحدة عبر ضرائب منخفضة لجذب الشركات الأمريكية. هذا التهديد يعرض اقتصاد أيرلندا للخطر، حيث يمثل قطاع الأدوية 20% من ناتجها المحلي الإجمالي.


في حلقة جديدة من مسلسل التوترات التجارية التي يثيرها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، تجد أيرلندا نفسها في قلب العاصفة. فخلال لقاء مع رئيس الوزراء الأيرلندي، مايكل مارتن، لم يخفِ ترامب امتعاضه من النجاح الذي حققته "جزيرة الزمرد" في استقطاب عمالقة صناعة الأدوية الأمريكية، واصفاً قادة الولايات المتحدة السابقين بـ"الأغبياء" لسماحهم بحدوث ذلك.

صرح ترامب بلهجة حادة: "فجأة، أصبحت أيرلندا تسيطر على شركاتنا الصيدلانية. هذه الجزيرة الجميلة التي يبلغ عدد سكانها خمسة ملايين نسمة تمتلك بين يديها الصناعة الدوائية الأمريكية بأكملها".

هذا الاستياء ليس وليد اللحظة. فمنذ إطلاقه لحملته التجارية، استهدف ترامب "النمر السلتي" ونظامه البيئي الصيدلاني المزدهر. والأرقام تبرر هذا الموقف: في عام 2024، شكلت شركات الأدوية 60% من الصادرات الأيرلندية إلى الولايات المتحدة، بقيمة 44 مليار يورو من إجمالي 73 مليار يورو. في المقابل، لم تتجاوز الصادرات الأمريكية إلى أيرلन्दा 23 مليار يورو، وهو خلل كبير في الميزان التجاري دفع ترامب إلى التهديد بفرض رسوم جمركية بنسبة 200% على المنتجات الصيدلانية المستوردة.

مثل هذا الإجراء قد يكون مدمراً لاقتصاد أيرلندا، الذي يعتمد على هذه الصناعة التي تشكل 20% من ناتجه المحلي الإجمالي. ويشير كريس فان إيجيرا، الخبير في الجغرافيا الاقتصادية، إلى أن "95% من صادراتنا تأتي من الشركات متعددة الجنسيات". وتفخر وكالة الاستثمار الوطنية الأيرلندية (IDA Ireland) بأن البلاد تستضيف 8 من أكبر 10 شركات أدوية في العالم، بما في ذلك نوفارتيس، وإيلي ليلي، وروش، وجونسون آند جونسون.

ليست الضرائب المنخفضة وحدها

يعتبر معدل الضريبة على الشركات المنخفض (12.5%، وسيرتفع إلى 15% قريباً) عاملاً رئيسياً في جذب هذه الاستثمارات. لكنه ليس السبب الوحيد. فوفقاً للخبراء، تلعب عوامل أخرى دوراً حاسماً، مثل الانتماء إلى الاتحاد الأوروبي، واستخدام اللغة الإنجليزية، ونظام التعليم القوي، بالإضافة إلى الاستقرار السياسي.

تتمتع أيرلندا أيضاً بأصغر تعداد سكاني في الاتحاد الأوروبي، حيث إن نصف سكانها تقريباً تحت سن 34 عاماً، وهم على درجة عالية من التعليم، خاصة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM)، حيث تتصدر أيرلندا دول الاتحاد الأوروبي في عدد الخريجين في هذه التخصصات.

التحديات ونقاط الضعف

على الرغم من قدراتها التصنيعية الهائلة، لا تزال أيرلندا متأخرة في مجال البحث والتطوير (R&D)، حيث تفضل الشركات الأم إبقاء هذه الأنشطة الحيوية في بلدانها الأصلية. كما أن هناك مفارقة مؤلمة تتمثل في أن المرضى الأيرلنديين يواجهون تأخيراً طويلاً في الحصول على الأدوية الحديثة التي يتم تصنيعها على أرضهم بسبب البيروقراطية الحكومية.

يهدف ترامب من خلال تهديداته إلى إعادة هذه الصناعات إلى الولايات المتحدة. ورغم أن بعض الشركات مثل "أسترازينيكا" أعلنت عن استثمارات ضخمة في أمريكا، فإن نقل القدرات التصنيعية بالكامل من أيرلندا قد يستغرق عقداً كاملاً على الأقل، وهو أفق زمني بعيد جداً بالنسبة لرجل أعمال وسياسة مثل دونالد ترامب.

نبذة عن المؤلف

ناتاليا - صحفية اجتماعية، تغطي قضايا الهجرة والتكيف في فرنسا. تساعد تقاريرها السكان الجدد في فهم البلاد وقوانينها بشكل أفضل.