اتفاق بوجيفال: كاليدونيا الجديدة "دولة" وجنسية جديدة مع البقاء ضمن فرنسا

اتفاق بوجيفال: كاليدونيا الجديدة "دولة" وجنسية جديدة مع البقاء ضمن فرنسا

في كلمات قليلة

تم توقيع اتفاق يحدد مستقبل كاليدونيا الجديدة، يمنحها وضع "دولة" وجنسية كاليدونية مع بقائها جزءاً من فرنسا. يرى الخبراء، ومنهم آلان كريستناخت أحد مهندسي الاتفاقات السابقة، أن هذا الاتفاق الجديد هش للغاية بسبب الانقسامات السياسية العميقة والأزمة الاقتصادية الخانقة في الأرخبيل.


في خطوة وُصفت بالتاريخية، وقعت الأطراف المؤيدة والمعارضة لاستقلال كاليدونيا الجديدة على مشروع اتفاق في بوجيفال بفرنسا، يهدف إلى رسم مستقبل جديد للأرخبيل بعد سنوات من التوترات. ينص الاتفاق على إنشاء "دولة كاليدونيا الجديدة" ومنح سكانها جنسية كاليدونية إلى جانب الجنسية الفرنسية، مع الحفاظ على بقاء الإقليم ضمن الجمهورية الفرنسية. ورغم ترحيب الموقعين به باعتباره "تسوية تاريخية"، يحذر الخبراء من أن هذا الأمل بالاستقرار لا يزال هشًا.

يرى آلان كريستناخت، أحد أبرز مهندسي اتفاق نوميا لعام 1998، أن الاتفاق الحالي أكثر هشاشة من الاتفاقات السابقة. ويوضح أن اتفاق نوميا جاء في فترة اقتصادية مزدهرة نسبيًا، مما سهل قبوله بنسبة تجاوزت 72% في استفتاء محلي. أما اليوم، فالوضع مختلف تمامًا. يعاني الأرخبيل من تدهور اقتصادي حاد، ونقص في الخدمات الأساسية مثل الأطباء والممرضين، وتزايد معدلات الفقر، مما يجعل التوصل إلى توافق شعبي واسع أمرًا أكثر صعوبة.

ويشير كريستناخت إلى أن الأجواء الحالية تشبه إلى حد كبير تلك التي سبقت اتفاقات ماتينيون عام 1988، والتي تمت في ظل توترات شديدة. لكن الفارق الجوهري اليوم يكمن في الانقسام العميق داخل المعسكرين السياسيين. في الماضي، كان كل من دعاة الاستقلال والموالين لفرنسا يتمتعون بقيادة موحدة وواضحة، متمثلة في شخصيات مثل جاك لافلور وجان ماري تجيباو. أما اليوم، فكلا المعسكرين منقسم على نفسه، وتكثر الخصومات الداخلية، مما يضعف الموقف التفاوضي ويزيد من صعوبة تطبيق أي اتفاق.

ومما يزيد الأمر تعقيدًا هو الانقسام السياسي داخل فرنسا نفسها. فعلى عكس عامي 1988 و1998، حيث كانت الدولة الفرنسية موحدة في رؤيتها، يشهد المشهد السياسي الفرنسي الحالي استقطابًا حادًا. سيتطلب تطبيق الاتفاق إجراء تعديل دستوري في باريس، وهو ما قد يواجه معارضة من قوى سياسية بارزة، مما يضيف طبقة أخرى من عدم اليقين حول مستقبل الاتفاق.

يثير الوضع القانوني الجديد لكاليدونيا الجديدة، الذي يوصف بأنه "فريد من نوعه" (sui generis)، حيرة خبراء القانون. فهو يجمع بين خصائص الدولة الفيدرالية والدولة المرتبطة، مما يمنح الإقليم صلاحيات دولية كاملة مع الاحتفاظ ببعض الصلاحيات السيادية لباريس. هذا الغموض، الذي كان ضروريًا للتوصل إلى حل وسط، يجعل من الصعب شرحه للناخبين الذين سيصوتون على المشروع في استفتاء بحلول فبراير 2026.

لا يمنح الاتفاق الاستقلال الكامل والفوري، لكنه يفتح الباب أمام إمكانية تحقيقه تدريجيًا. يمكن نقل الصلاحيات السيادية المتبقية (مثل العدل والدفاع والعملة) في المستقبل، ولكن عبر آلية معقدة تتطلب موافقة ثلاثة أخماس أعضاء كونغرس كاليدونيا، ثم موافقة الحكومة الفرنسية، وأخيرًا استفتاء محلي. وبهذا، لم يعد السؤال "هل سيتحقق الاستقلال أم لا؟"، بل أصبح "متى وكيف؟"، لكن الطريق لا يزال طويلاً ومحفوفًا بالتحديات.

نبذة عن المؤلف

إيلينا - صحفية تحقيقات ذات خبرة، متخصصة في المواضيع السياسية والاجتماعية في فرنسا. تتميز تقاريرها بالتحليل العميق والتغطية الموضوعية لأهم الأحداث في الحياة الفرنسية.