
في كلمات قليلة
يواصل الجيش الروسي تقدمه البطيء والمستمر في شرق أوكرانيا، مستخدمًا تكتيكات جديدة للتغلب على الدفاعات الأوكرانية المتينة. تلعب الطائرات بدون طيار دورًا حاسمًا في صد الهجمات وتكبيد روسيا خسائر فادحة، لكن خطر الاختراق واستنزاف القوات الأوكرانية لا يزال قائمًا.
مع اقتراب الحرب من عامها الرابع، يبدو أن لا شيء يمكنه إيقاف سيل النيران الذي يجتاح أوكرانيا. وعلى الرغم من الجهود الدبلوماسية، تواصل روسيا عملياتها العسكرية، مؤكدة أنها لن تتوقف حتى تحقيق هدفها المتمثل في استسلام كييف، وهو أمر ترفضه أوكرانيا بشكل قاطع وتواصل مقاومة الغزو بكل شراسة.
على الصعيد الميداني، يواجه الجيش الأوكراني وضعًا صعبًا. فعلى الرغم من استقرار الجبهة نسبيًا خلال العامين الماضيين، إلا أن الجيش الروسي سرّع من وتيرة تقدمه البطيء في الأشهر الأخيرة، حيث سيطر على ما يقرب من 450 كيلومترًا مربعًا في مايو، و550 في يونيو، و450 أخرى في الأسابيع الثلاثة الأولى من يوليو. يركز الروس جهودهم على الجبهة الشرقية بهدف السيطرة الكاملة على المقاطعات الأربع التي أعلنوا ضمها في سبتمبر 2022.
خطر التطويق في بوكروفسك
في مدينة بوكروفسك، وهي معقل رئيسي في منطقة دونيتسك، أصبح الوضع حرجًا بشكل متزايد. نجحت القوات الروسية في تحقيق مكاسب على الجانبين الشرقي والغربي للمدينة، مما جعل خطر تطويقها وشيكًا. يقول الخبير العسكري يوهان ميشيل: "إذا استمر هذا الزخم، سيضطر الأوكرانيون إلى الانسحاب في وقت ما. أي تأخير في الانسحاب قد يؤدي إلى خسائر فادحة".
ورغم أن قائد الجيش الأوكراني، الجنرال أولكسندر سيرسكي، أكد أن قواته تمكنت من صد محاولة تسلل معادية إلى المدينة، فإن هذا التطور يشير إلى اقتراب المعركة من مرحلتها النهائية. ومع ذلك، يرى الجنرال نيكولا ريشو أن سقوط بوكروفسك لن يعني انهيار خط الجبهة بأكمله، حيث أتقن الأوكرانيون "القتال في العمق"، أي إعداد خطوط دفاعية خلفية للانسحاب إليها وإعادة تنظيم الصفوف.
تكتيكات جديدة لمواجهة التحديات
أدت الانتشار الكثيف للطائرات بدون طيار (الدرونز) إلى تغيير جذري في تكتيكات الحرب. أصبح ميدان المعركة شفافًا للغاية، مما يجعل من الصعب حشد قوات كبيرة لشن هجوم واسع دون التعرض لضربات فورية. وتشير التقديرات الأوكرانية إلى أن 65% من الجنود الروس القتلى و75% من المركبات المدمرة كانت نتيجة لهجمات الدرونز.
لمواجهة هذا الواقع، لجأ الجيش الروسي إلى تكتيكات جديدة، مثل استخدام الدراجات النارية لنقل جنود المشاة بسرعة إلى الخطوط الأمامية. هذه الوسيلة تزيد من سرعة المناورة وتشتت الأهداف المحتملة، مما يقلل من فعالية هجمات الدرونز. ورغم ذلك، يؤكد الخبراء أن هذه التكتيكات لن تكون كافية لتحقيق نصر حاسم في الحرب.
خسائر فادحة ودعم خارجي
يواصل الجيش الروسي تكبد خسائر بشرية هائلة، حيث تشير التقديرات إلى أن إجمالي الخسائر (قتلى وجرحى وأسرى) تجاوز عتبة المليون منذ بداية النزاع. وعلى الرغم من ذلك، لا يبدو أن موسكو في وارد التراجع. فهي تعتمد على الدعم الخارجي، وخاصة من كوريا الشمالية التي أرسلت آلاف الجنود ونسبًا كبيرة من قذائف المدفعية لدعم المجهود الحربي الروسي.
بالتزامن مع القتال على الجبهة، كثفت روسيا من هجماتها بالصواريخ والطائرات المسيرة على المدن والبنى التحتية الأوكرانية، بهدف إرهاب السكان واستنزاف الدفاعات الجوية. وتشير التوقعات إلى أن روسيا قد تكون قادرة على إطلاق ما يصل إلى 2000 طائرة مسيرة في ليلة واحدة بحلول خريف 2025، وهو ما يمثل تحديًا هائلاً لأوكرانيا. يبدو أن الأشهر القادمة ستكون محفوفة بالمخاطر، سواء في الخطوط الخلفية أو على جبهات القتال.