
في كلمات قليلة
في قلب الجدل الدائر حول مبيد الآفات "الأسيتاميبريد"، يوضح مسؤول كبير في هيئة سلامة الغذاء الأوروبية (EFSA) موقف الهيئة. يشرح ماركو بيناغليا الأسباب العلمية وراء خفض حدود الأمان بدلاً من التوصية بحظر كامل، متطرقاً إلى المخاطر المحتملة وضمانات نزاهة الأبحاث.
تواجه هيئة سلامة الغذاء الأوروبية (EFSA)، التي تتخذ من بارما مقراً لها، انتقادات متزايدة من فرنسا بشأن موقفها من مبيد "الأسيتاميبريد" الحشري. وفي مقابلة حصرية، يجيب ماركو بيناغليا، منسق فريق علماء السموم في الهيئة، على الجدل المثار، موضحاً الأسس العلمية لقرارات الوكالة الأوروبية.
أصبح اسم هيئة سلامة الغذاء الأوروبية، الذي لم يكن معروفاً لدى الكثيرين، في قلب العاصفة الإعلامية والسياسية في فرنسا. يدور الخلاف حول قانون يسعى لإعادة استخدام مبيد "الأسيتاميبريد"، وهو من فئة النيونيكوتينويدات، الذي حظرته السلطات الفرنسية في عام 2018 بسبب مخاوف تتعلق بالصحة والتنوع البيولوجي. يستشهد مؤيدو القانون بدراسات الهيئة الأوروبية للتأكيد على أمان المادة، بينما يهاجمها المعارضون، معتبرين أنها غير موثوقة وتخضع لضغوطات الصناعة.
لم توصِ الهيئة بحظر المادة على مستوى الاتحاد الأوروبي، بل اكتفت في عام 2024 بخفض عتبات الأمان التي تحددها، أي الجرعة التي يمكن تناولها دون أن تشكل خطراً. هذا القرار أثار حفيظة النشطاء البيئيين الذين اعتبروه دليلاً على الخضوع لمصالح الشركات المصنعة.
متى ظهرت التحذيرات الصحية الأولى حول الأسيتاميبريد؟
يوضح ماركو بيناغليا أن المخاوف الصحية ليست جديدة. يقول: "تعود التحذيرات الصحية الأولى إلى بضع سنوات. لقد كان الموضوع مصدر قلق بالفعل في عام 2016، عند تجديد ترخيص طرح الأسيتاميبريد في السوق. طلبت منا المفوضية الأوروبية تحليل الأدبيات العلمية حول سمية هذا المنتج. في ذلك الوقت، حددنا مجموعة من الأدلة الجديدة التي تشير إلى أن الجرعات المسموح بها قد تشكل خطراً صحياً، خاصة بعد أن أظهرت دراسات على الفئران تأثيراً محتملاً للأسيتاميبريد على نمو الدماغ."
ماذا تعني "الشكوك الكبرى" حول سلامة المنتج؟
في عام 2024، اعترفت الهيئة بوجود "شكوك كبرى" حول سلامة المنتج بالجرعات المعتمدة. يشرح بيناغليا: "تشير بعض البيانات إلى احتمال وجود تأثير على نمو الخلايا العصبية، خاصة لدى الأطفال الأكثر تعرضاً، لكن هذا لم يتم إثباته بعد. يتطلب إثبات ذلك إجراء سلسلة واسعة من الاختبارات على حيوانات المختبر وإمكانية تطبيق النتائج على البشر، وهو مجال علمي لا يزال في طور التطور."
كإجراء احترازي، قررت الهيئة خفض الجرعة اليومية المسموح بها والمصنفة على أنها آمنة إلى الخمس. ويؤكد بيناغليا أن هذا "إجراء وقائي لتقليل تعرض السكان"، وسيتم تحديثه عند توفر بيانات كاملة.
لماذا لم يتم حظر الأسيتاميبريد في جميع أنحاء أوروبا؟
يوضح بيناغليا أن دور الهيئة يقتصر على تقديم المشورة العلمية. "ليس لدى هيئة سلامة الغذاء الأوروبية صلاحية سحب منتج من السوق. هذه ليست مهمتنا، بل مهمة المفوضية الأوروبية."
وعن سبب عدم التوصية بالحظر، يضيف أن المعايير المحددة من قبل المشرّع الأوروبي لإصدار رأي سلبي تلقائي لم يتم استيفاؤها. ويقول: "إذا كانت المادة تسبب تلفاً كبيراً للحمض النووي (سامة للجينات)، أو تسرّع الطفرات الجينية، أو تسبب السرطان، فإننا نوصي بعدم طرحها في السوق. منذ عام 2018، طُلب منا أيضاً التحقق مما إذا كانت المادة تعطل الهرمونات. على الرغم من وجود بعض إشارات التحذير، إلا أن هذه التأثيرات لم تثبت حتى الآن فيما يتعلق بالأسيتاميبريد."
كيف تضمن الهيئة نزاهة الدراسات المقدمة من الشركات؟
تعتمد الهيئة جزئياً على دراسات تقدمها الشركات المصنعة، مما يثير تساؤلات حول إمكانية التلاعب بالبيانات. يرد بيناغليا بالقول: "تخضع المختبرات التي تجري دراسات الشركات لتفتيش منتظم من قبل السلطات الوطنية. عليهم الاحتفاظ بأدلة تجاربهم لسنوات وتقديمها للتحليل. البروتوكولات المطبقة يجب أن تتبع المعايير الدولية بدقة." ويضيف أنه لم يواجه شخصياً أي دراسات مزورة طوال فترة عمله.
كما ينفي بيناغليا اتهامات تجاهل الأبحاث المستقلة، مؤكداً: "هذا غير صحيح على الإطلاق. نحن نأخذ في الاعتبار جميع الدراسات الموثوقة المتاحة في الأدبيات العلمية."
في الختام، يرى بيناغليا أن الجدل الدائر يسلط الضوء على أزمة ثقة عامة في المؤسسات، ويعتقد أن الحل يكمن في التواصل وتوضيح الأدوار. "مهمتنا في هيئة سلامة الغذاء الأوروبية هي تغذية النقاش بالعناصر العلمية وتقييم المخاطر. أما القرارات النهائية بشأن نوع الزراعة التي نريدها ومستوى الحماية المطلوب، فهي قرارات سياسية يجب أن يتخذها السياسيون بناءً على معرفة كاملة بالحقائق."