
في كلمات قليلة
تحلل الفيلسوفة الفرنسية بيرين سيمون-ناؤوم ظاهرة تزايد دعم اليهود في فرنسا لحزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف. وتربط هذا التوجه بأزمة الديمقراطية، والخوف من "الأصولية الإسلامية"، مؤكدة أن هذا يشكل خطأً تاريخياً، لأن المؤسسات الجمهورية كانت دائماً الحصن الوحيد للجالية اليهودية.
تعتبر بيرين سيمون-ناؤوم، مديرة الأبحاث في المركز الوطني للبحث العلمي (CNRS) ورئيسة قسم الفلسفة في دار المعلمين العليا بباريس، أن الأزمة التي تمر بها الديمقراطية في الغرب ترتبط ارتباطاً وثيقاً بصعود معاداة السامية. في تحليلها، توضح كيف أن الهجوم على المبادئ الديمقراطية مثل الحرية والمساواة وسيادة القانون، يقوض الميثاق الجمهوري الذي ضمن تاريخياً اندماج اليهود وحمايتهم.
وتشير سيمون-ناؤوم إلى مفارقة مقلقة: تزايد أعداد اليهود الفرنسيين الذين يدعمون حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف بزعامة مارين لوبان. وتعزو هذه الظاهرة لسببين رئيسيين. الأول، بحسب قولها، هو إرث اليهود السفارديم الذين طُردوا من بلدان شمال إفريقيا. فذاكرة العنف الذي تعرضوا له في البلدان العربية، تضاف إلى "الكراهية المعلنة للأصولية الإسلامية" التي تنتشر في بعض قطاعات المجتمع الفرنسي، مما يجعلهم أكثر تقبلاً لخطاب اليمين المتطرف.
أما العامل الثاني فهو التحول في صورة الحزب نفسه. فقد بذلت مارين لوبان جهوداً لتنأى بنفسها عن الماضي المعادي للسامية الذي ارتبط بوالدها مؤسس الحزب. وتعلق الفيلسوفة قائلة: "لست مقتنعة تماماً بصدق هذا التطور، رغم أنه لا يمكن الشك في أن مارين لوبان نفسها تحمل أي شكل من أشكال معاداة السامية". لكنها تستغرب أن اليهود الذين يصوتون للتجمع الوطني "ينسون أن حصنهم الوحيد على مر التاريخ كان ذلك الذي أقامته المؤسسات الجمهورية". وتؤكد أن تصويت الحزب في البرلمان الأوروبي يظهر أنه دائماً ما يعارض المؤسسات الديمقراطية والحريات الفردية.
"إنه خطأ في التحليل التاريخي من جانب اليهود المنخرطين مع اليمين المتطرف"، كما تستنتج.
وتعقد الفيلسوفة مقارنة مع إسرائيل، حيث انزاح المجتمع أيضاً بقوة نحو اليمين. وترى أن الإسرائيليين، مثلهم مثل يهود أوروبا، ليسوا محصنين ضد الشعبوية وعليهم أن يتذكروا دروس التاريخ بالنظر إلى دول مثل المجر ورومانيا حيث عادت معاداة السامية إلى الخطاب العام مع وصول الأنظمة السلطوية.
في الوقت نفسه، تؤكد سيمون-ناؤوم على أن يهود الشتات ليسوا إسرائيل. فللشتات وجوده السياسي الخاص الذي يسمح له بالتعبير عن خلافه مع تصرفات الحكومة الإسرائيلية، خاصة عندما تحاول، على حد تعبيرها، "تحقيق مشروع مسيحاني لا يقل هذياناً في أصوليته عن أصولية الإسلام الذي يدعو إلى زوال دولة إسرائيل".
وتشير إلى أن النقاش داخل التقليد اليهودي أمر مرحب به، وأن القوة الحقيقية لإسرائيل تكمن في النقد الذي يوجهه مثقفوها من الداخل والخارج. واختتمت حديثها بالتأكيد على أهمية النقاش الفكري المستمر، مستشهدة بالجدل الكلاسيكي بين الفيلسوفين ريمون آرون وجان بول سارتر، والذي لا يزال، برأيها، يحتفظ بأهميته في عالم اليوم الذي يواجه فيه "الإنساني البراغماتي" تحدي "الأيديولوجي المقتنع" الذي قد يبرر العنف لتحقيق غاياته.