يُعدّ التنكس البقعي المرتبط بالعمر (AMD) السبب الرئيسي للإعاقة البصرية بين الأشخاص الذين تجاوزوا الخمسين عاماً، حيث تتفاقم نسبة الإصابة به بشكل كبير مع التقدم في السن. تشير الإحصائيات إلى أن هذه الحالة تصيب حوالي 1% من الفئة العمرية بين 50 و 55 عاماً، لكن النسبة تقفز إلى 25-30% لمن هم فوق 75 عاماً.

كما يوحي الاسم، يؤثر التنكس البقعي على البقعة (الماكولا)، وهي المنطقة المركزية الحساسة في الشبكية المسؤولة عن الرؤية الدقيقة والقراءة. تبدأ الأعراض عادةً بتغيرات بصرية خفية، وقد تتطور لتظهر على شكل بقعة داكنة أو ظل في منتصف مجال الرؤية، مما يعيق القدرة على التركيز.

الشكل الرطب: العلاج المبكر يوقف التدهور

تُقسم الإصابة إلى شكلين رئيسيين. يتميز الشكل "الرطب" (أو النضحي) بنمو أوعية دموية غير طبيعية تحت الشبكية، والتي قد تتسرب منها السوائل أو الدم. هذا الشكل هو الأكثر خطورة، حيث يمكن أن يؤدي إلى فقدان مفاجئ وكامل للرؤية المركزية إذا لم يتم علاجه.

الخبر الجيد هو أن هناك علاجات فعالة متاحة للشكل الرطب من التنكس البقعي. تعتمد هذه العلاجات على حقن جزيئات مضادة لعامل نمو بطانة الأوعية الدموية (Anti-VEGF) مباشرة في العين. هذه الحقن قادرة على إيقاف العملية المرضية بل وحتى تحقيق تراجع في بعض الحالات. ومع ذلك، يكمن التحدي في أن بعض المرضى قد يحتاجون إلى تجديد الحقن شهرياً، مما دفع البحث العلمي لاستكشاف سبل لتمديد فعالية العلاج، مثل الغرسات الشبكية القابلة لإعادة الشحن أو الجزيئات الجديدة.

الشكل الجاف: تحدي البحث العلمي

على النقيض تماماً، يمثل الشكل "الجاف" (أو الضموري) تحدياً أكبر. في هذا النوع، تتآكل الشبكية المركزية ببطء ولكن بشكل لا مفر منه، مع فقدان تدريجي للخلايا المستقبلة للضوء. في المراحل المبكرة، قد لا تكون الثقوب المرئية في قاع العين مزعجة، لكن انتشارها بمرور السنوات يؤدي حتماً إلى فقدان الرؤية المركزية. للأسف، لا يوجد حتى الآن دواء معتمد يمكنه علاج أو إيقاف تقدم الشكل الجاف من التنكس البقعي.

آفاق البحث: من الالتهاب إلى العلاج الخلوي

على الرغم من غياب العلاج للشكل الجاف، فإن الأبحاث مستمرة لاستكشاف مسارات علاجية جديدة. تشمل هذه المسارات:

• استهداف الالتهاب: حيث تم تحديد دور كبير للالتهاب في تطور المرض، وتهدف الأبحاث إلى منع إنتاج جزيئات السيتوكينات التي تلعب دوراً التهابياً رئيسياً.
• العلاج الخلوي: يهدف إلى تجديد مخزون الخلايا المستقبلة للضوء المفقودة.
• البصريات الوراثية (Optogenetics): لجعل الخلايا التي فقدت حساسيتها للضوء قادرة على الاستجابة له مرة أخرى.

يجب الإشارة إلى أن هذه العلاجات التجريبية، حتى الآن، تعمل بشكل أساسي على إبطاء تقدم المرض، وقد تواجه صعوبات في الحصول على تراخيص التسويق في أوروبا بسبب عدم قدرتها على استعادة الرؤية بشكل كامل.

نصيحة هامة: اختبار الشبكة واستشارة الطبيب

إذا لاحظت أن الخطوط المستقيمة تبدو متموجة أو أن بقعة صغيرة تمحو جزءاً من الكلمات أثناء القراءة، يجب عليك استشارة طبيب العيون فوراً. هذه العلامات قد تشير إلى بداية الشكل الرطب القابل للعلاج. يمكن إجراء اختبار ذاتي بسيط عبر تغطية عين واحدة تلو الأخرى، خاصة إذا كنت فوق سن الخمسين أو لديك عوامل خطر (التدخين، السمنة، الوراثة). التدخل المبكر يمكن أن ينقذ الرؤية المركزية.