تعتبر بكتيريا الإشريكية القولونية (E. coli) كائنًا حيويًا شائعًا للغاية، فهي تستوطن بشكل طبيعي الجهاز الهضمي للحيوانات ذوات الدم الحار، بما في ذلك الماشية، وتستعمر أمعاء البشر منذ الولادة. وفي الظروف العادية، لا تشكل هذه البكتيريا أي خطر على الصحة.

لكن المشكلة تكمن في أن بعض السلالات، التي اكتسبت عوامل ضراوة عبر التطور، يمكن أن تتحول إلى مهدد خطير للحياة. هذه السلالات الخطيرة لا تسبب المرض بحد ذاتها، بل من خلال إفرازها لسموم قوية تُعرف باسم "سم الشيغا" (Shiga-toxin).

هذا السم هو المسؤول عن التسبب في التهابات معوية حادة وإسهال دموي، وفي بعض الحالات، يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات جهازية خطيرة للغاية عندما ينتقل إلى مجرى الدم وينتشر في جميع أنحاء الجسم. وتُعد متلازمة انحلال الدم اليوريمية (HUS) من أخطر هذه المضاعفات، وهي حالة نادرة ولكنها مميتة بشكل خاص لدى الأطفال، حيث تستهدف الكلى وتؤدي إلى فشل كلوي حاد.

تنتقل هذه البكتيريا الخطيرة، التي تنتج سم الشيغا، عادةً عبر استهلاك الأطعمة الملوثة. وتشمل المصادر الرئيسية اللحوم غير المطهوة جيداً، ومنتجات الألبان غير المبسترة (مثل بعض أنواع الجبن)، وكذلك البذور والبراعم النيئة (مثل براعم الفاصوليا) التي لم يتم التعامل معها أو غسلها بشكل صحيح.

يؤكد الخبراء أن الوعي بمخاطر هذه السلالات والالتزام الصارم بمعايير سلامة الغذاء، مثل الطهي الكامل للحوم وتجنب منتجات الألبان غير المبسترة، هو خط الدفاع الأول للوقاية من التسمم الغذائي الخطير، وخاصة لحماية الأطفال من متلازمة HUS.