
في كلمات قليلة
خبير التغذية أنتوني بيرثو يكشف زيف ست خرافات غذائية شائعة، من الخوف من الجلوتين والكوليسترول في البيض إلى الوهم بأن كعك الأرز المنتفخ وجبة حمية مثالية.
تنتقل إلينا العديد من المفاهيم الخاطئة حول التغذية، بعضها متوارث من الأجيال السابقة، وبعضها الآخر يروج له الإعلام أو "المعالجين" غير المتخصصين. يسلط خبير التغذية أنتوني بيرثو الضوء في كتابه الجديد على ستة من أبرز هذه الأفكار الشائعة التي تقوض التوازن الغذائي وتضر بصحتنا.
يشير بيرثو إلى أن الخطاب الإعلامي حول التغذية مليء بالتناقضات المستمرة، مدفوعاً أحياناً بالجهل وأحياناً أخرى بضغوط جماعات الضغط في الصناعات الغذائية. ويؤكد أن الغذاء هو "أقوى أداة لدينا للعناية بصحتنا" (حيث ترتبط وفاة واحدة من كل خمس وفيات عالمياً بسوء التغذية)، ولا ينبغي اختزاله في مجرد شعارات تسويقية.
1. الجلوتين: هل هو العدو الذي يجب التخلص منه؟
الجلوتين هو مركب بروتيني يتكون عند خلط دقيق القمح والشعير والجاودار بالماء، وهو سر قوام الخبز الهش والمتماسك. وقد استغلت الصناعات الغذائية هذه الخاصية، فأصبح الجلوتين يضاف إلى العديد من المنتجات، بما في ذلك الحساء وبعض اللحوم المصنعة.
المشكلة: تقاوم بروتينات الجلوتين (البرولامينات) جزئياً الإنزيمات الهاضمة لدينا، مما قد يؤدي إلى استجابة مناعية مفرطة في الأمعاء. هذا هو ما يعرف بـ "الداء الزلاقي" (حساسية القمح)، الذي يتطلب تجنباً كاملاً للجلوتين ويصيب 1-2% من السكان. كما توجد "حساسية الجلوتين غير الزلاقية" الأكثر شيوعاً والأقل تحديداً، وقد تكون مرتبطة بمركبات أخرى في هذه الأطعمة أو حتى بـ "تأثير نوسيبو" (الاعتقاد بأن الجلوتين هو سبب المشكلة).
النصيحة العملية: ينصح الخبير بتقليل التعرض للقمح الحديث والمنتجات المصنوعة من القمح الشائع، والتركيز على الاستهلاك المعتدل للحبوب القديمة مثل القمح وحبوب الشيلم، والخبز المصنوع من الخميرة الطبيعية النقية. التقليل لا يعني الحذف: إذا كنت تستمتع بالخبز الأبيض أو الحلويات، فلا يوجد سبب للقضاء عليها تماماً، لأن المتعة جزء أساسي من التوازن الغذائي. ومع ذلك، إذا كانت لديك أعراض واضحة تختفي بعد أسابيع قليلة من تجنب الجلوتين، فمن الضروري استشارة أخصائي صحي.
2. هل يجب الحذر من البيض؟
لطالما كان البيض محط شك بسبب محتواه من الكوليسترول، حيث كان يُنصح بعدم تناول أكثر من ثلاث بيضات في الأسبوع. لكن البيض منتج غذائي مذهل: فهو غني بالبروتينات عالية الجودة والعناصر الغذائية الأساسية (فيتامين أ، ب12، وأوميغا 3). أما بالنسبة للكوليسترول، فإن الغالبية العظمى منه يتم تصنيعها بواسطة الجسم نفسه، وتأثير الكوليسترول الغذائي على مستواه في الدم ضئيل.
الخلاصة: يؤكد بيرثو أن "الاستهلاك اليومي من بيضة إلى بيضتين لا يرتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية"، مستنداً إلى دراسات وتحليلات شاملة. ما لم تكن لديك حالة مرضية خاصة أو صعوبة في الهضم، لا تتردد في تناول البيض، مع اختيار الأنواع عالية الجودة وتفضيلها مسلوقة نصف سلق (صفار سائل)، حيث يحافظ الصفار السائل على خصائصه بشكل أفضل ويسهل هضمه.
3. كعك الأرز المنتفخ: هل هو وجبة خفيفة مثالية؟
يعتقد البعض أن كعك الأرز "خفيف" وبالتالي مناسب للحمية الغذائية. لكن هذه الكعكات المنتفخة غنية بالنشا. نظرياً، يتطلب النشا وقتاً طويلاً للهضم، مما يضمن إطلاقاً "بطيئاً" للطاقة. لكن طريقة تصنيعها (الطهي تحت ضغط وحرارة عالية) تجعل هضم النشا أسرع بكثير، مما يؤدي إلى ارتفاع سريع في سكر الدم (فرط سكر الدم)، يليه انخفاض حاد في السكر.
هذا الارتفاع والانخفاض المفاجئ في سكر الدم، خاصة مع قلة النشاط البدني، "يزيد بشكل كبير من خطر تخزين الدهون" والإصابة ببعض الأمراض المزمنة. ومن المثير للاهتمام أن الفشار (المطبوخ بدون زيت) يحتوي على سعرات حرارية مماثلة، لكنه لا يُروج له كغذاء حمية.
4. السكر البني أفضل للصحة؟
يُزعم أن السكر البني أكثر طبيعية وغنى بالمعادن، وبالتالي هو بديل أفضل للسكر الأبيض "الشيطاني". الحقيقة هي أن الفرق في محتوى المعادن لا يتجاوز 0.05% في المتوسط، وهو ما لا يكفي لإحداث أي تأثير صحي يُذكر.
النصيحة: لا فرق يذكر بين السكر البني والأبيض، لكن الأهم هو التعود على تقليل النكهة الحلوة بشكل عام. يفضل الخبير العسل كبديل، لكنه ينصح باستهلاكه "باعتدال" أيضاً.
5. كأس من النبيذ الأحمر لحماية القلب؟
تُعرف هذه الفكرة باسم "المفارقة الفرنسية"، والتي تروج لها بكثرة شركات المشروبات الكحولية: وهي أن الفرنسيين يتمتعون بصحة قلبية وعائية جيدة بشكل مدهش بفضل استهلاكهم المعتدل للنبيذ الأحمر الغني بالبوليفينول (مضادات الأكسدة). أظهرت دراسات عديدة أن هذه المفارقة قد تكون مجرد "وهم إحصائي".
أما بالنسبة لمادة "الريسفيراترول" المعجزة، فإن الحصول على فوائدها يتطلب استهلاك كميات مستحيلة من النبيذ (ما يعادل آلاف اللترات يومياً). يؤكد الخبير أنه "من غير المجدي القول إنك ستعاني من الآثار الضارة للكحول قبل أن تشعر بفوائد الريسفيراترول بكثير".
الخلاصة: لا يوجد استهلاك للكحول مفيد للصحة. إذا كنت تستمتع به، فاستهلكه ضمن حدود المخاطر الأدنى: بحد أقصى عشرة أكواب في الأسبوع، ولا يزيد عن كوبين في اليوم، ويومين على الأقل بدون كحول.
6. المكملات الغذائية: حلفاء لا غنى عنهم؟
الفيتامينات والمعادن والأوميغا 3 ضرورية لعمل الجسم. يلجأ الكثيرون إلى المكملات الغذائية لتعويض النقص. لكن هذه المكملات مكلفة، وجودتها غير متساوية، وقد تُستهلك بإفراط، والأهم من ذلك أنها لا توفر الفوائد نفسها التي نحصل عليها من العناصر الغذائية الموجودة في طعامنا الكامل.
يحذر الخبراء من أن تناول المكملات الغذائية دون نصيحة محددة من أخصائي صحي مؤهل (وليس معالج طبيعي) قد يكون محفوفاً بالمخاطر. وتشمل هذه المخاطر الجرعات الزائدة، والتفاعلات الدوائية، وتلف الأعضاء، خاصة الكبد. من الأفضل الاعتماد على نظام غذائي متوازن ومتنوع.