
في كلمات قليلة
يؤكد رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو أنه فرض أول حظر على الرموز الدينية الظاهرة في المدارس عام 1994. ومع ذلك، فإن موقفه اللاحق والتعليقات الأخيرة بشأن الحجاب والعباية تظهر موقفاً يتأرجح بين الحزم والتسامح في سياق العلمانية الفرنسية.
أكد رئيس الوزراء الفرنسي الجديد، فرانسوا بايرو، أنه هو من فرض أول حظر على ارتداء الرموز الدينية الظاهرة في المدارس، وذلك خلال توليه منصب وزير التعليم.
في عام 1994، أصدر فرانسوا بايرو، الذي كان حينها وزيراً للتعليم، تعميماً يمنع «الرموز الظاهرة» في المؤسسات التعليمية، رداً على قضايا تتعلق بارتداء الحجاب الإسلامي. واعتبر أن هذه الرموز قد تكون عناصر من التبشير أو تسبب اضطراباً في الحياة المدرسية. ورغم أن التعميم لم يحدد بشكل دقيق ما هي «الرموز الظاهرة»، أكد بايرو أن الحجاب الإسلامي يندرج ضمنها.
أدت هذه الإجراءات إلى انخفاض ملحوظ في عدد حالات ارتداء الرموز الدينية في المدارس. ومع ذلك، في عام 2004، عندما صوتت الجمعية الوطنية بأغلبية ساحقة على قانون يحظر بشكل أكثر صراحة «الرموز الدينية الواضحة» (مثل الكيباه والصليب الكبير والحجاب)، امتنع فرانسوا بايرو، الذي كان نائباً آنذاك، عن التصويت.
برر بايرو موقفه في عام 2004 بالقول إن القضية ليست دينية بحتة، بل تتعلق بوضع المرأة. واعتبر أن تعميمه لعام 1994 كان ناجحاً، وأن القانون الجديد يتجاهل المشكلات الأساسية المتعلقة بالاندماج والتعايش في مجتمع تعددي. وقال إن العلمانية ليست عدواً للمعتقد الديني، بل هي مراعاة للإنسان بكل أبعاده وقيمه الروحية.
ومؤخراً، عاد فرانسوا بايرو للحديث عن الموضوع، معبراً عن تحفظه بشأن مقترح حظر ارتداء الحجاب على الفتيات دون سن 15 عاماً. صرح بأنه لا يعتقد أن هذه هي الطريقة الصحيحة للتعامل مع مسألة التعايش بين مختلف الحساسيات الدينية في فرنسا، مشدداً على أنه لا يجب جعل الإسلام «موضوع هوس».
في المقابل، دعم بايرو كونه رئيساً للوزراء، القرار الأخير للحكومة بحظر ارتداء العباية في المدارس، واصفاً العلمانية بأنها «تراث فرنسا الحي»، لكنه دعا إلى تجنب «التمييز» في تطبيق هذا الحظر.
يظهر موقف فرانسوا بايرو من الرموز الدينية في المدارس نوعاً من التوازن بين التسامح والحزم. فهو يدافع عن مفهوم العلمانية القائم على التعايش السلمي بين الأديان، بدلاً من التناقض بينها.
تبقى مسألة الرموز الدينية في الفضاء العام والمدارس من القضايا المحورية في النقاش حول العلمانية في فرنسا.