فريدريش ميرتس مستشاراً لألمانيا: فرصة لإحياء العلاقات الفرنسية الألمانية؟

فريدريش ميرتس مستشاراً لألمانيا: فرصة لإحياء العلاقات الفرنسية الألمانية؟

في كلمات قليلة

تولي فريدريش ميرتس منصب المستشار الألماني يمثل فرصة محتملة لإحياء العلاقات الفرنسية الألمانية، المحرك الرئيسي للاتحاد الأوروبي. يأتي هذا في سياق تحديات داخلية وخارجية، بما في ذلك الحاجة إلى تعزيز الدفاع الأوروبي المشترك.


مع تولي فريدريش ميرتس، الديمقراطي المسيحي، منصب مستشار ألمانيا الاتحادية، يواجه هو وحكومته الائتلافية تحديات عديدة: أزمة النموذج الصناعي، صعود غير مسبوق لليمين المتطرف منذ عام 1949، استمرار الفجوة بين شرق ألمانيا وغربها، واضطرابات داخل الاتحاد الأوروبي. تضاف إلى هذه القضايا الداخلية السياسة الأوروبية، وفي قلبها العلاقة الفرنسية الألمانية.

لم يكن سلف فريدريش ميرتس يعطي الأولوية للعلاقة مع باريس. كانت لحظات وأسباب الخلاف عديدة (من بينها قضايا الطاقة والدفاع)، وأحياناً كانت واضحة جداً مع تأجيل اجتماع مجلس الوزراء الفرنسي الألماني المشترك. زاد من تشتت هذه العلاقة تحدي بعض دول أوروبا الوسطى، وخاصة بولندا، لشرعية القيادة التي يمارسها الثنائي باريس-برلين في أوروبا، والذي كان تاريخياً وراء التقدم الكبير في بناء الاتحاد الأوروبي، لكنه واجه منافسة منذ توسيع الاتحاد. هذا التدهور في العلاقة بين البلدين لم يغب عن الرأي العام. ففي استطلاع حول صورة ألمانيا في فرنسا أجري في ديسمبر 2024، اعتبر 83% من الفرنسيين أن العلاقات الفرنسية الألمانية ضرورية لمستقبل الاتحاد الأوروبي، بينما رأى 52% أنها تدهورت.

لإعادة إحياء العلاقة الفرنسية الألمانية، يمكن أن يشكل وصول الديمقراطي المسيحي فريدريش ميرتس إلى منصب المستشار فرصة يجب على فرنسا اغتنامها. صحيح أن اتفاقية الائتلاف الموقعة بين الاتحاد الديمقراطي المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي، والتي تحمل عنوان «مسؤولية ألمانيا»، تكتفي بالقول إن «الصداقة الفرنسية الألمانية تظل ذات أهمية قصوى لأوروبا بأكملها»، وهو تعبير مألوف جداً، وتوضح فوراً الرغبة في «الاستمرار بنفس القدر في تطوير الصداقة مع الجار الشرقي، بولندا»، مما قد يوحي بتبسيط العلاقة مع باريس. على أي حال، فإن شروط الإحياء موجودة.

أولاً، هذه العلاقة جزء من الإرث السياسي لدى الديمقراطيين المسيحيين أكثر من أي حزب ألماني آخر، وغالباً ما يُشار إلى العلاقة الخاصة بين أول مستشار لألمانيا بعد الحرب، كونراد أديناور، وشارل ديغول، اللذين نجحا في تجسيد المصالحة بين البلدين، والتي تجسدت في معاهدة الإليزيه عام 1963، والتي تم تحديثها في عام 2019.

لقد كان الثنائي الفرنسي الألماني محركاً لكل تقدم أوروبي كبير. أكد فريدريش ميرتس أنه يعتبر نفسه مسؤولاً عن هذا التقليد السياسي. قد تكون المفاوضات بين فرنسا وألمانيا معقدة بسبب الثقافات السياسية المختلفة (الفيدرالية مقابل المركزية، العلاقة بالإنفاق العام، مفهوم التنسيق الاقتصادي في أوروبا، وما إلى ذلك)، لكن في النهاية يتم الاتفاق على قضايا عليا مثل إنقاذ منطقة اليورو بين عامي 2010 و 2012 أو خطة التعافي لمواكبة الخروج من الأزمة الصحية في عام 2020. بغض النظر عن الخلافات المحتملة، سمح نوع من التقارب، بل والتواطؤ، بين البلدين وزعيميهما بالتقدم وقيادة بقية أوروبا. في السنوات الأخيرة، كانت هذه القرب بين فرنسا وألمانيا مفقودة.

بالإضافة إلى الإرث، الشرط الآخر المواتي لإعادة إطلاق العلاقات الفرنسية الألمانية هو ضعف العلاقة عبر الأطلسي. في الواقع، العلاقة مع الولايات المتحدة، والتي يعتبرها المؤرخ إيكارت كونز في كتابه «البحث عن الأمن» أنها وفرت، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، «وظيفة حماية سياسية وعسكرية للجمهورية الاتحادية»، مساهمة في بناء هوية جديدة للبلاد، تدخلت أحياناً في الثنائي الفرنسي الألماني، على سبيل المثال خلال المناقشات حول الركيزة الأوروبية لحلف الناتو. ومع ذلك، منذ وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، أصبحت طبيعة وجودة العلاقات الألمانية الأمريكية موضع تساؤل في ألمانيا.

في الليلة نفسها لنتائج الانتخابات الفيدرالية الأخيرة، أشار فريدريش ميرتس، وهو أمر لم يكن متصوراً حتى ذلك الحين بالنسبة لمستشار ألماني، خاصة من الديمقراطيين المسيحيين، إلى احتمال «قدرة دفاعية أوروبية مستقلة»، في ضوء الفجوة المتزايدة بين الولايات المتحدة وأوروبا. حتى لو أكد في الأيام التالية رغبته في الحفاظ على العلاقة عبر الأطلسي، فهذا يمثل نقطة تحول تقربه من الموقف الفرنسي بشأن الاستقلال الاستراتيجي.

هذا هو التحدي الذي يجب على فرنسا وألمانيا مواجهته معاً، بما يتجاوز البرامج الفرنسية الألمانية المشتركة للأسلحة، مثل الدبابة المشتركة أو طائرة المستقبل القتالية. مبادرة فرنسية ألمانية قوية في هذا الاتجاه، قادرة على توحيد دول أوروبية أخرى، من شأنها أن تعيد الشرعية إلى الثنائي باريس-برلين في وقت يؤيد فيه 76% من الألمان إعادة تسليح بلادهم، متخلين عن ثقافة سياسية اتسمت لفترة طويلة بالسلام. وفي وقت زادت فيه ألمانيا نفقاتها الدفاعية بنسبة 28% في عام واحد، محتلة الآن المركز الرابع عالمياً، وهو جهد قدمه فريدريش ميرتس في خطابه في 18 مارس كمساهمة في «مجتمع الدفاع الأوروبي». يجب اغتنام هذه الفرصة قبل أن تستعيد المنطقيات الوطنية السيطرة.

Read in other languages

نبذة عن المؤلف

باول - محلل دولي، يحلل السياسة الخارجية لفرنسا والعلاقات الدولية. تساعد تعليقاته الخبراء في فهم موقف فرنسا على الساحة العالمية.