"مدينة إنسانية" أم "معسكر اعتقال"؟ خطة وزير الدفاع الإسرائيلي لغزة تثير غضباً دولياً

"مدينة إنسانية" أم "معسكر اعتقال"؟ خطة وزير الدفاع الإسرائيلي لغزة تثير غضباً دولياً

في كلمات قليلة

أثار وزير الدفاع الإسرائيلي جدلاً واسعاً باقتراحه إنشاء "مدينة إنسانية" مغلقة في غزة لإيواء جميع سكانها. الخطة قوبلت بإدانات شديدة، حيث شبهها منتقدون، بمن فيهم رئيس وزراء إسرائيلي سابق، بـ"معسكر اعتقال"، وحذر خبراء قانونيون من أنها قد ترقى إلى جريمة حرب وإبادة جماعية، مما يزيد من تعقيد مفاوضات الهدنة.


أثار اقتراح قدمه وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف كاتس، في 7 يوليو خلال اجتماع مع صحفيين، عاصفة من الجدل الدولي. يتمثل المقترح في إقامة منطقة عسكرية مغلقة على الحدود مع مصر، يُحتجز فيها ما بين 600 ألف إلى 2 مليون مدني فلسطيني تم تهجيرهم من منازلهم في قطاع غزة.

وفقاً لخطة الوزير الإسرائيلي، الذي وصف المشروع بأنه "مدينة إنسانية"، سيتم في المرحلة الأولى استقبال حوالي 600 ألف نازح من جنوب القطاع في هذه المنطقة التي ستؤمنها قوات الجيش الإسرائيلي عن بعد. وستضم المنطقة أربعة مراكز لتوزيع المساعدات تديرها منظمات دولية. وفي نهاية المطاف، سيتم نقل جميع سكان غزة المدنيين، أي أكثر من مليوني شخص، إلى هذه المنطقة المحصورة.

سيخضع الوافدون الجدد لتدقيق أمني للتأكد من عدم انتمائهم لحركة حماس، وبمجرد دخولهم، لن يُسمح لهم بمغادرة المنطقة. وقد وصف معارضو الخطة هذا الإجراء بأنه يرقى إلى مستوى التطهير العرقي، لأنه سيمنع المدنيين من العودة إلى أراضيهم ومنازلهم.

أثار هذا المقترح غضباً واسعاً، حيث شبهه مراقبون إسرائيليون وحتى رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت بـ"معسكرات الاعتقال النازية". وذهبت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إلى نفس التشبيه، واصفة المخطط بأنه "معسكر اعتقال".

من جانبها، صرحت المحامية البريطانية المتخصصة في حقوق الإنسان، هيلينا كينيدي، أن الخطة سترغم الفلسطينيين على دخول "معسكر اعتقال"، مضيفة أن تصرفات إسرائيل الأخيرة دفعتها إلى استنتاج أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة. وقالت: "لقد كنت مترددة جداً في استخدام هذا المصطلح [...] لكن ما نراه اليوم هو سلوك ينم عن إبادة جماعية".

كما حذر 16 أكاديمياً إسرائيلياً متخصصاً في القانون الدولي في رسالة موجهة إلى كاتس ورئيس أركان الجيش، من أن هذه الخطة قد تشكل جريمة حرب. وجاء في الرسالة: "إذا تم تنفيذ هذه الخطة، فإنها ستشكل سلسلة من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وفي ظل ظروف معينة، يمكن أن ترقى إلى جريمة الإبادة الجماعية".

ولا يحظى المخطط بالإجماع داخل القيادة الإسرائيلية نفسها. فقد انتقد رئيس الأركان، اللفتنانت جنرال إيال زامير، الاقتراح بشدة، معتبراً أنه سيصرف الانتباه عن هدفي الحرب الرئيسيين: القضاء على حماس وتحرير الرهائن. كما اعتبر مسؤولون أمنيون أن الخطة مجرد "مدينة خيام ضخمة" وحذروا من خطر عودة الإدارة العسكرية الإسرائيلية إلى غزة.

وتضيف التكلفة الباهظة للمشروع، المقدرة بما بين 10 و20 مليار شيكل (حوالي 2.5 إلى 5 مليارات يورو)، إلى الجدل، في وقت تواجه فيه إسرائيل تكاليف الحرب الهائلة. وقال زعيم المعارضة يائير لابيد: "هذه الأموال لن تعود. نتنياهو يترك سموتريتش وبن غفير يغرقان في أوهامهما المتطرفة فقط للحفاظ على ائتلافه".

وقد أدت هذه الخطة إلى تعقيد مفاوضات الهدنة المتعثرة. وأعلن مسؤول فلسطيني مطلع أن حماس رفضت المقترحات الإسرائيلية، معتبرة أنها تهدف إلى "حشر مئات الآلاف من النازحين في منطقة صغيرة غرب رفح"، وأنها تمثل "تمهيداً لتهجيرهم القسري إلى مصر أو دول أخرى".

نبذة عن المؤلف

باول - محلل دولي، يحلل السياسة الخارجية لفرنسا والعلاقات الدولية. تساعد تعليقاته الخبراء في فهم موقف فرنسا على الساحة العالمية.