
في كلمات قليلة
أثارت وفاة طفل بمرض الحصبة في المملكة المتحدة دعوات عاجلة للتطعيم وسط تفشي معلومات مضللة. تحذر السلطات من انخفاض معدلات التحصين وتأثير الحملات المناهضة للقاحات، التي تغذيها شخصيات مؤثرة على وسائل التواصل الاجتماعي، مما يهدد الصحة العامة على مستوى العالم.
أدت الحصبة إلى وفاة ضحية جديدة في إنجلترا، حيث أكد وزير الصحة، ويس ستريتنج، في 14 يوليو وفاة طفل في مستشفى "ألدر هاي" بليفربول. وقد جددت هذه الحادثة دعوات السلطات الصحية البريطانية لتطعيم الأطفال، في وقت تواجه فيه المملكة المتحدة موجة من المعلومات المضللة حول اللقاحات، قادمة إلى حد كبير من الولايات المتحدة.
تعتبر الحصبة مرضاً شديد العدوى يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة، ولكن يمكن الوقاية منه بفضل لقاح MMR (الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية) الذي يُعطى في مرحلة الطفولة المبكرة.
لم تقدم السلطات أي تفاصيل حول ملابسات الوفاة، ولكن يُعتقد أن الطفل كان يعاني من شكل حاد من المرض، مصحوباً بمشاكل صحية خطيرة أخرى.
بعد فترة وجيزة من الإعلان، بدأ العديد من الشخصيات البارزة في الحركة المناهضة للتطعيم بنشر ادعاءات لم يتم التحقق منها عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول وفاة الطفل. من بينهم إيلي جراي، وهي مؤثرة بريطانية تقدم نفسها كخبيرة في الصحة، ويتابعها أكثر من 200 ألف شخص على إنستغرام. زعمت في مقطع فيديو أن "الحصبة ليست مرضاً مميتاً. [...] إنها ليست خطيرة"، متهمةً مستشفى "ألدر هاي" بـ "التلاعب بالآباء" و"دفعهم" نحو التطعيم. تمت مشاركة الفيديو الخاص بها من قبل كيت شيميراني، وهي مؤثرة بريطانية أخرى وممرضة سابقة تم شطبها من سجل المهنة، والتي ادعت زوراً أنه "لا يوجد دليل على أن اللقاحات آمنة وفعالة".
رد مدير الصحة العامة في ليفربول، ماثيو أشتون، بحزم على "ناشري المعلومات المضللة". وفي رسالة فيديو موجهة إلى سكان ليفربول، ذكر بأن "الحصبة فيروس خطير جداً" وأن التطعيم يظل أفضل وسيلة "لحماية أنفسنا وأحبائنا". وأشار مستشفى "ألدر هاي" إلى أنه عالج 17 طفلاً مصاباً بالحصبة منذ يونيو.
في مقطع فيديو آخر، فنّد الدكتور أندرو ماكاردل، أخصائي الأمراض المعدية لدى الأطفال، العديد من الخرافات حول الحصبة، بما في ذلك الادعاء بأن اللقاح يسبب التوحد. هذا الادعاء لا أساس له من الصحة وينبع من دراسة نشرها الطبيب البريطاني أندرو ويكفيلد عام 1998، والتي فقدت مصداقيتها على نطاق واسع منذ ذلك الحين، مما أدى إلى شطبه من سجل الأطباء. ومع ذلك، تسببت هذه الدراسة في انخفاض كبير في معدلات التطعيم على مستوى العالم.
وفقًا لبنيامين كاستان-دابوش، وهو عالم أنثروبولوجيا متخصص في الصحة، لا يزال تأثير أندرو ويكفيلد محسوسًا حتى اليوم، حيث يتعرض جيل جديد من الآباء لإرثه عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وأضاف أن تعيين الرئيس الأمريكي لروبرت كينيدي جونيور وزيراً للصحة، رغم دعمه لنظريات المؤامرة حول اللقاحات، يساهم في نشر "المعلومات المضللة من أعلى مستوى في إدارة ترامب".
لتحقيق مناعة القطيع، يجب أن يصل معدل التطعيم ضد الحصبة إلى 95%. في ليفربول، يبلغ معدل التغطية للجرعتين حوالي 74%، بينما يبلغ المتوسط الوطني 84%. وقد حذر رئيس منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، من أن "التخفيضات الكبيرة في المساعدات، إلى جانب المعلومات المضللة حول سلامة اللقاحات، تهدد بتقويض عقود من التقدم".