إنجاز مذهل: استوديو سينمائي في ضواحي باريس يعيد بناء شوارع العاصمة بالكامل

إنجاز مذهل: استوديو سينمائي في ضواحي باريس يعيد بناء شوارع العاصمة بالكامل

في كلمات قليلة

أقامت مجموعة TSF الفرنسية استوديو تصوير ضخم (Backlot) خارج باريس، يضم نسخاً طبق الأصل من شوارع العاصمة، لتسهيل تصوير الأفلام التاريخية ومشاهد الحركة التي يصعب تنفيذها في باريس الحقيقية. هذا المشروع الطموح، الذي بلغت تكلفته الأولية 14 مليون يورو، يهدف إلى جذب الإنتاجات العالمية والمحلية، مع التركيز على الاستدامة البيئية والمرونة التقنية.


شهدت منطقة سين ومارن، على بعد 50 كيلومتراً من العاصمة الفرنسية، إطلاق مشروع سينمائي ضخم وغير مسبوق: استوديو تصوير خارجي (Backlot) يجسد شوارع باريس التاريخية والمعاصرة بتفاصيل مذهلة. هذا الموقع الجديد، الذي أطلق عليه اسم "شوارع باريس"، يهدف إلى حل المعضلات اللوجستية المتزايدة التي تواجه صناع الأفلام عند التصوير في قلب العاصمة.

كانت أولى المشاهد التي تم تصويرها في هذا الموقع الأيقوني جزءاً من فيديو حفل افتتاح الألعاب الأولمبية في باريس، حيث ظهر نجم كرة القدم زين الدين زيدان وهو يتجول بشعلة الأولمبياد في "باريس الستينات". هذا المقطع، الذي استمر 38 ثانية فقط، شاهده أكثر من 1.5 مليار مشاهد حول العالم، ولكنه لم يُصور في باريس الحقيقية، بل في بلدة ميزونسيل-أون-بري الريفية.

لماذا "باريس" في الريف؟

يوضح يوهان جورج، مصمم الديكور السينمائي ومبتكر هذا المشروع، أن التصوير في باريس أصبح "شبه مستحيل". ويضيف: "من الصعب جداً إغلاق الشوارع، أو إيجاد مواقف للسيارات، أو حتى التفاهم مع الملاك المشتركين. كما أن تصوير مشاهد المطاردات أو المظاهرات أو حتى الأفلام التاريخية يمثل تحدياً كبيراً بسبب التحديث المستمر للأثاث الحضري والواجهات".

لذلك، عملت مجموعة TSF، الرائدة في خدمات الإنتاج السينمائي، على بناء هذا الديكور على مساحة 1.5 هكتار، بمشاركة 140 مصمم ديكور و40 عامل بناء، في الفترة ما بين صيف 2023 ويونيو 2024. تم تصميم الواجهات، التي يبلغ ارتفاعها 12 متراً، لتكون قابلة للتعديل والتحويل، مما يسمح بتصوير مشاهد تعود إلى الفترة من 1850 حتى يومنا هذا.

مرونة لا مثيل لها وتكنولوجيا المستقبل

يتميز الموقع بمرونة هائلة، حيث يمكن تحويل مدخل مبنى وزاري إلى قصر خاص، أو تحويل ورشة فنان إلى متجر حديث. يشمل الديكور 57 واجهة و47 باباً، تمثل مزيجاً من الأحياء الباريسية المختلفة، من الشوارع الهاوسمانية الكبرى إلى الأزقة الملتوية في بيلفيل ومينيل مونتان، وحتى تلة مونمارتر الشهيرة.

تم التفكير في كل تفصيل لخدمة متطلبات الإنتاج: فجوات في الأرض لتركيب أشجار موسمية أو أعمدة موريس، وشرفات قابلة للاستخدام، وإمكانية تعديل الطريق بالكامل (من رصف قديم إلى مسارات دراجات حديثة). كما أن الديكورات مصممة لتكون "محايدة" قدر الإمكان، مما يتيح لخبراء المؤثرات البصرية إضافة المعالم الباريسية الشهيرة (مثل برج إيفل أو الساكري كور) رقمياً في مرحلة ما بعد الإنتاج.

استثمار ضخم ورؤية بيئية

يمثل هذا الاستوديو، الذي بلغت تكلفته 14 مليون يورو، المرحلة الأولى من مشروع أكبر بكثير بقيمة 98 مليون يورو. بحلول عام 2026، تخطط مجموعة TSF لتسليم 12 استوديو داخلي مغطى على مساحة 50 هكتاراً من القاعدة العسكرية السابقة لحلف الناتو.

يؤكد تييري دي سيغونزاك، مؤسس ورئيس مجموعة TSF، على البعد البيئي للمشروع، مشيراً إلى أن الاستدامة ستكون العلامة الفارقة في المستقبل. ولتحقيق ذلك، سيتم تجهيز أسطح الاستوديوهات بألواح شمسية على مساحة 12,000 متر مربع لتوليد الطاقة الذاتية. كما أن جميع المركبات المستخدمة في الموقع هي مركبات كهربائية.

بالإضافة إلى استضافة الإنتاجات الضخمة (مثل مسلسل "لوبين" أو أفلام عن الحرب العالمية الثانية)، يلتزم الاستوديو بدعم المواهب الصاعدة، حيث يتم تأجير الديكورات للمخرجين الشباب بأسعار مخفضة، مما يضمن أن هذا المركز الجديد سيصبح جزءاً أصيلاً من تراث السينما الفرنسية، على غرار استوديوهات إيبيني التاريخية.

نبذة عن المؤلف

إيلينا - صحفية تحقيقات ذات خبرة، متخصصة في المواضيع السياسية والاجتماعية في فرنسا. تتميز تقاريرها بالتحليل العميق والتغطية الموضوعية لأهم الأحداث في الحياة الفرنسية.