فرنسا: مليار ونصف المليار يورو خسائر للتأمين الصحي بسبب رسوم غير مستردة

فرنسا: مليار ونصف المليار يورو خسائر للتأمين الصحي بسبب رسوم غير مستردة

في كلمات قليلة

نظام التأمين الصحي في فرنسا يعاني من خسارة 1.5 مليار يورو بسبب عدم استرداد الرسوم الصغيرة من المرضى. تقرير ديوان المحاسبة يسلّط الضوء على المشكلة ويوصي بتكثيف جهود الاسترداد ومكافحة الاحتيال لتحسين الوضع المالي للنظام.


يواجه نظام التأمين الصحي الفرنسي (Assurance-maladie) خسائر مالية كبيرة سنويًا بسبب المبالغ التي يجب أن يدفعها المرضى كرسوم أو اشتراكات، ولكنها لا تُسترد بالكامل. ووفقًا لتقرير حديث صادر عن ديوان المحاسبة الفرنسي، تبلغ قيمة هذه المبالغ غير المستردة مليارات اليوروهات.

تُعرف هذه المبالغ باسم "franchises" (خصومات ثابتة من قيمة التعويض) و"participations forfaitaires" (مساهمات ثابتة تدفع عند زيارة الطبيب، شراء الأدوية، أو استخدام المواصلات الطبية). تتراوح هذه الرسوم بين 1 إلى 50 يورو لكل خدمة طبية أو دواء. ومع ذلك، يوضح تقرير ديوان المحاسبة أن جزءًا كبيرًا من هذه المبالغ لا يُطالب به نظام التأمين الصحي، مما يؤدي إلى خسارة إيرادات مهمة لخزائن الضمان الاجتماعي.

يشير ديوان المحاسبة إلى وجود فرصة لتحقيق وفورات في نظام الرعاية الصحية. في تقريره السنوي حول تطبيق قوانين تمويل الضمان الاجتماعي، حذر الديوان مرة أخرى من العجز المتزايد في ميزانية "Sécu" (الاسم الشائع لنظام الضمان الاجتماعي الفرنسي)، والذي قد يرتفع من 15.3 مليار يورو في عام 2024.

من الأسباب الرئيسية لتراكم هذه المبالغ غير المستردة هو تعليق عملية استرداد هذه الرسوم الصغيرة اعتبارًا من مارس 2020، في بداية الأزمة الصحية، واستئنافها جزئيًا فقط منذ سبتمبر 2023. وحتى الاستئناف كان مقصورًا على المبالغ التي تتجاوز 50-100 يورو في عام 2023، وأكثر من 200 يورو اعتبارًا من عام 2024. هذا التقييد، بحسب ديوان المحاسبة، يؤدي إلى إعفاء نسبة كبيرة من المدينين فعليًا من الدفع.

يقدر خبراء ديوان المحاسبة أن مجموع رسوم "franchises" و"participations" غير المستردة بلغ 1.5 مليار يورو في نهاية ديسمبر 2024. وأشار رئيس ديوان المحاسبة، بيير موسكوفيتشي، إلى أنه لو تم استرداد جميع المبالغ المستحقة، لأمكن للنظام الصحي جني ما بين 500 مليون ومليار يورو إضافية سنويًا.

رداً على التقرير، صرح توماس فاتوم، المدير العام للصندوق الوطني للتأمين الصحي (Cnam)، أن قرار تحديد عتبة للمبالغ التي يتم المطالبة بها ضروري لتجنب إرسال إشعارات متكررة لمبالغ صغيرة جدًا. وأوضح أن تكلفة هذه الإجراءات الإدارية قد تفوق في كثير من الأحيان قيمة المبالغ المستردة. ومع ذلك، كما يؤكد ديوان المحاسبة، فإن تجميع هذه المبالغ الصغيرة غير المستردة يؤدي إلى خسائر مالية هائلة.

تجدر الإشارة إلى أن هذه المبالغ لا تُعتبر احتيالاً بالمعنى الدقيق، بل هي "مبالغ مدفوعة بالخطأ" أو "مبالغ غير مستردة" ناتجة عن عمليات نظامية. في المقابل، يبذل صندوق Cnam جهودًا كبيرة لمكافحة الاحتيال في النظام، حيث نجح في منع دفع مبالغ بقيمة 628 مليون يورو في عام 2024، بزيادة قدرها 35% عن عام 2023. ومع ذلك، تشير تقديرات ديوان المحاسبة إلى أن الحجم الإجمالي للاحتيال في نظام التأمين الصحي أعلى بكثير ويصل إلى 4.5 مليار يورو. لذلك، يوصي التقرير ليس فقط بتحسين استرداد المبالغ غير المستحقة، بل أيضًا بتكثيف مكافحة الاحتيال.

نبذة عن المؤلف

باول - محلل دولي، يحلل السياسة الخارجية لفرنسا والعلاقات الدولية. تساعد تعليقاته الخبراء في فهم موقف فرنسا على الساحة العالمية.