
في كلمات قليلة
بسبب كثرة العروض والأسعار المنخفضة، يفقد المستهلكون إدراك القيمة الحقيقية للسلع ومفهوم "السعر العادل". يرى الخبراء أن عقودًا من حروب الأسعار والتضخم جعلت المشترين يركزون فقط على الحصول على أفضل صفقة، متجاهلين معايير اختيار أخرى.
في عالم اليوم المليء بالعروض الترويجية المستمرة، والتخفيضات الكبيرة، والأسعار المنخفضة على المنصات الإلكترونية مثل Shein و Temu، أصبح من الصعب بشكل متزايد على المستهلكين تحديد القيمة الحقيقية لما يشترونه. يبدو أننا فقدنا الإحساس بما يُعرف بـ "السعر العادل".
النقاش حول ما هو السعر العادل ليس بجديد، ويعود على الأقل إلى العصور القديمة والفيلسوف أرسطو. بعد أكثر من 2300 عام، هذا المفهوم لا يزال حيويًا ومهمًا أكثر من أي وقت مضى، لا سيما مع غضب التجار من سياسات الخصومات المستمرة التي تتبعها المتاجر الكبرى، والأسعار المنخفضة للغاية على المنصات الإلكترونية، بالإضافة إلى مطالب المزارعين بالحصول على أجر عادل مقابل عملهم ومنتجاتهم.
يشير الخبراء إلى أنه بمرور السنين، فقد المستهلك العادي مفهوم قيمة الطعام والمنتجات بشكل عام. هذا التطور يُعزى إلى عقود من حروب الأسعار بين سلاسل المتاجر الكبرى. لقد أصبح المستهلكون مرتبطين بشدة بالبحث عن السعر الأقل، وتم صرف انتباههم عن معايير اختيار أخرى مهمة. لقد انحصر تفكيرنا في منطق الحصول على أقل سعر ممكن.
على الرغم من ظهور علامات تجارية في السنوات الأخيرة تعد بدفع أجر عادل للمنتجين، إلا أن السعر أصبح المعيار الأول لاختيار المستهلكين لمنتجاتهم. في استطلاعات الرأي، يذكره ما يقرب من سبعة من كل عشرة أشخاص (69%) كعامل أساسي، وترتفع النسبة إلى 78% بين الشباب تحت سن 35، متقدمًا على الذوق (68%) والتأثير على الصحة (42%).
يُعزى هذا السلوك إلى الضغط الترويجي المستمر الذي يتعرض له المستهلكون، ليس فقط في قطاع الأغذية، بل في قطاعات عديدة. عروض الفلاش، رموز الخصم، المبيعات الخاصة، الأسعار المشطوبة مؤقتًا، والعمليات التجارية الكبرى مثل الجمعة السوداء وغيرها. يقول الخبراء إن هذا الضغط بدأته المتاجر نفسها في العديد من القطاعات، وكان قطاع الأزياء من السباقين في ذلك. والنتيجة هي أن المستهلك أصبح "مدمنًا" على العروض الترويجية، وهي حساسية تفاقمت بسبب فترات التضخم التي شهدتها بعض البلدان في السنوات الأخيرة.
كمثال على تغير الأسعار، في أحد المقاهي في حي لابارسلونيتا، يُقدم الإسبريسو بسعر 1.30 يورو، لكن سعره يرتفع إلى 2.50 يورو إذا بقي العميل لأكثر من 30 دقيقة، ويصل إلى 4 يورو إذا تجاوزت مدة إقامته الساعة. هذا يوضح كيف يمكن للسعر أن يتغير بناءً على عوامل أخرى غير المنتج نفسه.