
في كلمات قليلة
أعلنت شركة "كولوسال بايوساينسز" الأمريكية عن ولادة ثلاثة جراء من فصيلة "الذئب الرهيب" المنقرضة، وذلك باستخدام تقنيات الهندسة الوراثية المتقدمة. يثير هذا الإنجاز جدلاً واسعاً في الأوساط العلمية حول حقيقته وأبعاده الأخلاقية، بينما يفتح الباب أمام إمكانية إحياء أنواع أخرى مثل الماموث الصوفي.
في حدث علمي أثار ضجة عالمية، أعلنت شركة التكنولوجيا الحيوية الأمريكية "كولوسال بايوساينسز" (Colossal Biosciences) عن ولادة ثلاثة جراء من فصيلة "الذئب الرهيب" (Canis dirus)، وهو نوع من الذئاب الضخمة التي جابت الأرض خلال العصر الجليدي وانقرضت قبل حوالي 12 ألف عام.
وُلدت الجراء، التي أُطلق عليها أسماء رومولوس وريموس (تيمناً بأسطورة تأسيس روما) وكاليسي (في إشارة إلى المسلسل الشهير "صراع العروش")، بفضل تقنيات الهندسة الوراثية المتطورة. أوضحت الشركة أن العلماء قاموا بتعديل الحمض النووي لأقرب أقربائه الأحياء، وهو الذئب الرمادي، ليتطابق مع السمات الجينية الرئيسية للذئب الرهيب، التي تم تحديدها من بقايا متحجرة قديمة.
استُخدمت في العملية تقنية الاستنساخ عبر نقل نواة الخلية الجسدية، وهي نفس الطريقة التي أدت إلى ولادة النعجة دوللي. وقالت عالمة الأحياء الشهيرة ورئيسة المشروع، بيث شابيرو، إن الذئب الرهيب كان مرشحاً مثالياً لعملية "إلغاء الانقراض" نظراً لتشابهه الجيني مع الأنواع الحالية، مما سمح بالتركيز على سلامة الحيوانات وضمان نتائج يمكن التنبؤ بها.
لكن هذا الإعلان قوبل بردود فعل متباينة من المجتمع العلمي. يرى منتقدون، مثل عالم الأحياء التطورية آلان كوبر، أن ما حدث ليس "إحياءً" حقيقياً للنوع المنقرض. وشبّه الأمر قائلاً: "كأنني أضع فيك بعض جينات إنسان نياندرتال لأجعلك أكثر شعراً وقوة، ثم أطلق عليك اسم 'نياندرتال'. ستكون بعيداً كل البعد عن أن تكون إنساناً من النياندرتال". بحسب هذا الرأي، فإن الحيوانات الجديدة هي ذئاب رمادية معدلة وراثياً تحمل صفات الذئب الرهيب.
من جانبها، تقر بيث شابيرو بوجود هذا الجدل، لكنها تؤكد أن الشركة تتبع تعريف "إلغاء الانقراض" الذي وضعه الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة. وأضافت أن الهدف النهائي هو تطوير أدوات جديدة للمساعدة في مكافحة أزمة فقدان التنوع البيولوجي.
وعلى الرغم من أن المشروع يذكرنا بسيناريو فيلم "جوراسيك بارك" (حديقة الديناصورات)، أكدت شابيرو أن إعادة الديناصورات إلى الحياة أمر مستحيل. والسبب هو عدم وجود حمض نووي محفوظ في حفريات الديناصورات، مما يجعل استنساخها أو تعديلها وراثياً ضرباً من الخيال. وأوضحت أن هدف الشركة ليس إنشاء حدائق للترفيه، بل استعادة النظم البيئية، حيث تخطط الشركة أيضاً للعمل على إعادة الماموث الصوفي وطائر الدودو.
وحول التساؤلات الأخلاقية حول لعب الإنسان "دور الرب"، تجيب شابيرو بأن البشر يتدخلون في الطبيعة منذ فجر التاريخ، من خلال التسبب في الانقراض وتدجين الحيوانات والزراعة. وترى أن التقنيات الجديدة هي مجرد امتداد لهذا الدور، ولكنها تجعل التدخل أكثر دقة وقوة.
في الوقت الحالي، تتمتع الجراء الثلاثة بصحة جيدة وتعيش في محمية بيئية واسعة ومؤمّنة، حيث تخضع لمراقبة مستمرة. وتعتبر هذه المرحلة ضرورية لتقييم صحة الحيوانات وسلوكها قبل التفكير في أي خطط مستقبلية لإعادة إطلاق مثل هذه الأنواع في البرية.