خطر "الإنسل" يهدد أوروبا: كيف يتحول كارهو النساء على الإنترنت إلى إرهابيين؟

خطر "الإنسل" يهدد أوروبا: كيف يتحول كارهو النساء على الإنترنت إلى إرهابيين؟

في كلمات قليلة

لأول مرة في فرنسا، تم توجيه تهمة الإرهاب لشاب ينتمي لحركة "الإنسل". هذه الحركة، التي تقوم على كراهية النساء، تتوسع بسرعة على الإنترنت بفضل خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي، مما يحولها من ظاهرة رقمية إلى تهديد حقيقي ومتزايد في أوروبا.


لأول مرة في فرنسا، يؤكد مكتب المدعي العام الوطني لمكافحة الإرهاب (Pnat) فتح تحقيق قضائي ضد شاب يبلغ من العمر 18 عامًا، تم اعتقاله في منطقة سانت إتيان. الشاب، الذي كان مسلحًا بسكينين، يُشتبه في أنه كان يخطط لمهاجمة نساء، وقد أعلن انتماءه لحركة "الإنسل" (Incel)، وهي اختصار لمصطلح "العازبون قسراً". يعتبر أعضاء هذه الحركة النساء مسؤولات عن عزلتهم العاطفية والجنسية. هذا الحادث يسلط الضوء على خطر حقيقي يهدد أوروبا بشكل متزايد، مدفوعًا بخوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي التي تغذي التطرف.

وفقًا لمركز مكافحة الكراهية الرقمية (CCDH)، وهي منظمة غير حكومية مقرها لندن، فإن هذه الحركة في توسع مستمر. حيث تضاعف حجم أكبر منتدى نشط لـ "الإنسل" على الإنترنت منذ عام 2022 ليصل إلى 30 ألف عضو. يقول عمران أحمد، المدير العام للمركز، إن هذه الظاهرة أصبحت أكثر تطرفًا وتؤثر على جميع البلدان والطبقات الاجتماعية، ويمكن أن تؤدي إلى أعمال عنف حقيقية.

من المفارقات أن حركة "الإنسل" بدأت في التسعينيات على يد امرأة في كندا أنشأت موقعًا إلكترونيًا كمساحة دعم للأشخاص الذين يعانون من العزلة الرومانسية. لكن مع مرور الوقت، تم الاستيلاء على المصطلح من قبل مجتمعات يهيمن عليها الذكور على منصات مثل 4chan وReddit، وسرعان ما تحولت هذه المساحات إلى بؤر لكراهية النساء المتطرفة. تقوم أيديولوجيتهم على فكرة أن ممارسة الجنس مع النساء هو حق أساسي للرجال، وإذا رفضت النساء ذلك، فهن ينتهكن هذا الحق، مما يبرر "معاقبتهن".

تتطور هذه الأفكار بسرعة لتصل إلى مستويات صادمة. فقد كشف تحليل لأكثر من 1.2 مليون منشور في أكبر منتدى لـ "الإنسل" أن أعضاءه يتبادلون رسائل حول الاغتصاب كل 29 دقيقة. كما أظهر التحليل أن 53% من المشاركات تدعم الاعتداء الجنسي على الأطفال، بل إن المنتدى قام بتعديل قواعده للسماح بالحديث عن استغلال القاصرين الذين بلغوا سن البلوغ.

تتغذى هذه الحركة على مزيج من نظريات المؤامرة والمحتوى المتطرف الذي تروج له خوارزميات منصات مثل انستغرام وتيك توك. حيث تقود الخوارزميات المستخدمين المهتمين بمحتوى متطرف إلى محتوى آخر، مما يخلق حلقة مفرغة من التطرف. الشباب، الذين يقضون معظم وقتهم على الإنترنت، هم الأكثر عرضة لهذه الدعاية، مما يجعلهم يتبنون أنظمة قيم مشوهة.

تاريخيًا، كانت الهجمات المرتبطة بـ "الإنسل" أكثر شيوعًا في أمريكا الشمالية، مثل هجوم إيسلا فيستا عام 2014 وهجوم تورنتو عام 2018. لكن أوروبا تشهد قلقًا متزايدًا. ففي ألمانيا والمملكة المتحدة، وقعت هجمات نفذها رجال تبنوا أفكارًا مشابهة. إلا أن حادثة فرنسا هي المرة الأولى التي يتم فيها تصنيف مثل هذا العمل كإرهاب رسميًا في أوروبا.

لمواجهة هذا التهديد، يؤكد الخبراء على أهمية الحوار المفتوح بين الآباء وأبنائهم حول ما يشاهدونه عبر الإنترنت، بالإضافة إلى دور المنظمات غير الحكومية في التوعية. والأهم من ذلك، يجب على الحكومات وصناع السياسات ضمان تطبيق القوانين، مثل قانون الخدمات الرقمية الأوروبي (DSA)، بشكل فعال لإجبار المنصات على تحمل مسؤوليتها في الحد من انتشار الكراهية والتطرف.

نبذة عن المؤلف

يوري - صحفي متخصص في قضايا الأمن والدفاع في فرنسا. تتميز مواده بالتحليل العميق للوضع العسكري والسياسي والقرارات الاستراتيجية.