
في كلمات قليلة
تواجه الحكومة الفرنسية تحديات في إدارة محفظتها العقارية الضخمة التي تقدر قيمتها بنحو 75 مليار يورو. ولمواجهة تدهور المباني المهجورة وتراجع إيرادات البيع، أعلنت عن تأسيس شركة عقارية حكومية جديدة بهدف تحديث الأصول وخفض حجمها.
في خطوة تهدف إلى معالجة سنوات من سوء الإدارة، تواجه الحكومة الفرنسية التحديات المتعلقة بمحفظتها العقارية الهائلة، التي تضم كنوزاً مهجورة من المدارس والثكنات والقصور التاريخية. وقد تم الإعلان مؤخراً عن إنشاء شركة عقارية حكومية جديدة ستتولى مهمة إدارة هذه الأصول الضخمة وتحديثها.
تُعد قصة فندق "ميزاره"، وهو جوهرة معمارية صممها هكتور غيمار في باريس عام 1910، مثالاً حياً على هذا التوجه الجديد. فبعد سنوات من الإهمال ومحاولات البيع الفاشلة، تم منح المبنى الذي تبلغ مساحته 750 متراً مربعاً لمستثمرين من القطاع الخاص بموجب عقد إيجار طويل الأمد لمدة 80 عاماً، بهدف تحويله إلى متحف. وبموجب هذا الاتفاق، سيتولى المستثمرون تكاليف التجديد بالكامل، بينما تحصل الدولة على جزء من إيرادات المشروع سنوياً، محولة بذلك عبئاً مالياً إلى مصدر دخل مستدام.
هذه الصفقة المربحة للطرفين تسلط الضوء على مشكلة أوسع. ففي العام الماضي، وصلت مبيعات العقارات الحكومية إلى أدنى مستوياتها التاريخية، حيث بلغت 222 مليون يورو فقط من 549 عملية بيع، بينما تستمر المباني الأخرى في التدهور بصمت، حيث تتشقق واجهاتها وتسرب أسقفها المياه.
لهذا السبب، أعلنت الحكومة عن تأسيس شركة عقارية عامة جديدة، تهدف إلى تحديث محفظة الدولة العقارية وتقليص حجمها بنسبة 25% بحلول عام 2032. ووفقاً لتقديرات ديوان المحاسبة، تمتلك الدولة الفرنسية ما يقرب من 194,456 مبنى بمساحة تتجاوز 96 مليون متر مربع، بالإضافة إلى 30,918 قطعة أرض غير مبنية، بقيمة إجمالية تناهز 75 مليار يورو، وهو ما يفوق بكثير حجم الممتلكات العقارية لدول أوروبية مجاورة مثل ألمانيا.
"الدولة ليست مشغلاً عقارياً، فهي تجهل منطق السوق، خاصة بالنسبة للعقارات غير النمطية. إنها لا تملك الأساليب الصحيحة ولا زوايا الهجوم المناسبة"، كما توضح أنييس ويل، الخبيرة في السوق العقارية.
وتكمن إحدى العقبات الرئيسية في أن الدولة ليست فقط بائعاً سيئاً، بل هي أيضاً مدير غير كفء. حيث كشف تقرير برلماني أن قائمة الجرد العقارية للدولة لا تزال غير مكتملة، مما يعيق الإدارة الفعالة. نظام المعلومات الرقمي المشترك بين الوزارات، المسمى "CHORUS RE-FX"، يعاني من نقص في البيانات، حيث أن المعلومات كاملة لـ 63% فقط من العقارات المسجلة. أما الحالة الصحية للمباني، فالبيانات غير كافية في 49% من الحالات.
والحقيقة أن جزءاً كبيراً من هذه الممتلكات يحتاج إلى أعمال تجديد باهظة. وتشير التقديرات إلى أن تحديث المباني لتتوافق مع المعايير البيئية والطاقوية يتطلب ميزانية تقدر بـ 67 مليار يورو، وهو مبلغ فلكي في ظل الظروف الاقتصادية الحالية. وبالتالي، فإن مهمة الشركة العقارية الجديدة ستكون شاقة، حيث إن ثلاثة أرباع العقارات التي اعتبرت "غير ضرورية" في نهاية عام 2022 وصفت بأنها "صعبة" أو "شديدة الصعوبة" أو "غير محتملة" البيع، مما يجبر الدولة على البحث عن حلول مبتكرة وبديلة.