
في كلمات قليلة
ينتقد وزير فرنسي سابق، جان فرانسوا كوبيه، خطة ميزانية 2026، معتبراً أن الوفورات المعلنة سطحية. يسلط كوبيه الضوء على أربع قضايا رئيسية: الاعتماد على زيادات ضريبية مخفية بدلاً من تخفيضات حقيقية في الإنفاق، وغياب الإصلاحات الهيكلية طويلة الأجل، ونقص الرؤية الواضحة للمواطنين، والتحدي السياسي المتمثل في تمرير الميزانية.
أثارت ردود الفعل المعتدلة من أحزاب "القاعدة الحكومية المشتركة" في فرنسا على إعلان ميزانية 2026 إجماعًا نادرًا يستحق التوقف عنده. وقد برر الجميع مواقفهم باسم روح المسؤولية وضرورة عدم التشويش على الرسالة الأساسية: فرنسا على شفا الإفلاس، وهذه المرة، الأمر ليس مجرد مناورة كلامية.
بل إن البعض ذهب إلى حد القول إن رئيس الوزراء يقوم بـ"العمل القذر" الذي لن تكون هناك حاجة للقيام به بعد تناوب السلطة إذا وصلوا إلى الحكم في عام 2027.
صحيح أن مبلغ الـ 43.8 مليار يورو من الوفورات المعلن عنها هو مجرد قطرة في محيط الإنفاق العام المتوقع البالغ 1,722 مليار يورو لعام 2026. لكن جان فرانسوا كوبيه، الوزير السابق ورئيس بلدية مو، يرى أن هذه "اللحظة من الحقيقة" تخفي وراءها أربعة "أوهام" أو "حقائق مغلوطة" ضخمة حرص الكثيرون على إخفائها.
يؤكد كوبيه: "إن الذين يحكمون علينا اليوم هم الأسواق المالية، أكثر بكثير من شركائنا الأوروبيين"، مشيراً إلى الخطر الكبير الذي يمثله أي توتر في أسعار الفائدة على ديون فرنسا.
- 1. طبيعة الوفورات. لقد اختارت الحكومة "الحلول السهلة": سوف تقتطع من السلطات المحلية (5.3 مليار يورو) وستزيد الضرائب بشكل كبير. لا توجد ضرائب جديدة رسمياً، ولكن هناك مساهمات "استثنائية" على الدخول المرتفعة، بالإضافة إلى زيادة تلقائية للعبء الضريبي عبر تجميد شرائح الضرائب وإلغاء بعض الإعفاءات. أما من جانب نفقات الدولة، وهو المعيار الحقيقي للشجاعة السياسية، فإن الجهد يكاد يكون معدومًا: تم إلغاء 3000 وظيفة فقط في الخدمة المدنية من أصل 2.5 مليون وظيفة.
- 2. غياب الرؤية طويلة الأمد. الجهد المعلن عنه ليس جزءًا من أجندة إصلاحات هيكلية حقيقية. ويقول كوبيه إن الواقع واضح: "لا شيء بشأن إصلاح المعاشات التقاعدية، ولا شيء بشأن وضع الموظفين العموميين أو إعادة تنظيم جهاز الدولة". بالكاد تمثل الوفورات الناتجة عن التدابير الهيكلية أكثر من 4٪ من الإجمالي. هذا الغياب يحكم على الميزانية بأن تكون مجرد سلسلة من خطط التوفير السنوية، دون رؤية أو تحول عميق.
- 3. الافتقار إلى هدف واضح. فشلت الحكومة في أن تشرح للفرنسيين لماذا يجب عليهم بذل هذه الجهود، وما الذي ستحققه في المستقبل. الفرنسيون خائفون على قدرتهم الشرائية وأمنهم. ويرى كوبيه أن الاستراتيجية الرابحة كانت لتكون في مطالبتهم بالعمل أكثر قليلاً مقابل زيادة كبيرة في دخولهم وتمويل الأمن وخفض الديون، بدلاً من أن يلخص وزير الاقتصاد الخطة بعبارة جافة: "اعملوا أكثر دون أن تكسبوا أكثر".
- 4. التصويت على الميزانية في البرلمان. لم يتم التطرق إلى هذه المسألة إطلاقاً. ولكن قبل عامين من الانتخابات الرئاسية، كل شيء يشير إلى أن تصويت حزبي "التجمع الوطني" و"فرنسا الأبية" لن تمليه المصلحة الوطنية بل الحسابات الانتخابية.
في الختام، يرى كوبيه أن "لحظة الحقيقة" لم تدم سوى لحظة. أما "العمل القذر" الحقيقي، فسيظل قائماً ويتعين القيام به بمجرد الخروج من هذا "الخلل السياسي الكابوسي".