
في كلمات قليلة
يتحدث النحات جان-ميشيل أوتونييل عن معارضه الكبرى في كان ("غبار النجوم") وأفينيون ("كون أوتونييل")، حيث يعرض منحوتات زجاجية مستوحاة من الذهب النجمي وشعر بترارك. يشرح أوتونييل فلسفته القائمة على البحث عن الجمال المطلق، مستشهداً بعبارة دوستويفسكي، ويؤكد أن إبداعاته تتطلب مهارة "عباقرة" نفخ الزجاج من جميع أنحاء العالم.
يحتفل النحات الفرنسي الشهير جان-ميشيل أوتونييل، المعروف بمنحوتاته الزجاجية التي تتلاعب بالضوء والشفافية والألوان، بحدثين فنيين ضخمين ومتزامنين في جنوب فرنسا: معرض "غبار النجوم" (Poussière d’étoiles) في كان، و"كون أوتونييل أو أشباح الحب" (Othoniel Cosmos ou les fantômes de l’amour) في أفينيون.
يُعد الزجاج توقيع أوتونييل الفني، وهو المادة التي سمحت له بابتكار روائع مثل "كشك الساهرين" المصنوع من خرز مورانو المنفوخ، والذي يزين مدخل مترو قصر رويال - متحف اللوفر في باريس منذ خمسة وعشرين عاماً. يرى النحات أن طموحه يكمن في السعي الدائم وراء الجمال، وهو مفهوم مجرد ولكنه ضروري.
الجمال سينقذ العالم: فلسفة أوتونييل
في حوار له، أكد أوتونييل أنه يبحث عن الجمال في جميع أعماله، مستشهداً بعبارة دوستويفسكي الشهيرة في رواية "الأبله": «الجمال سينقذ العالم». ويضيف: «الجمال يجب أن يفاجئك ويغمرك في آن واحد. إنه يسمح بالوصول إلى حالة من التأمل والموارد الداخلية. بالنسبة لي، يجب أن يكون جذرياً وشعبياً في الوقت ذاته، مثل جمال غروب الشمس الذي يتفق عليه الجميع».
ويشير الفنان إلى أن الزجاج، بمادته الهشة، يسمح له بالتعبير عن شعور بالضعف، بينما يظل على حافة الهاوية الفنية، متواصلاً مع جمهور واسع.
"غبار النجوم" في كان: تكريم للذهب والسينما
معرض كان، "غبار النجوم"، هو بمثابة تحية للذهب الذي يستخدمه أوتونييل بكثرة، والذي نشأ، بحسب العلم، من اصطدام نجمين فائقين (سوبرنوفا). وقد أدى هذا الاصطدام إلى دفع ملايين الأطنان من الذهب النجمي عبر الفضاء. وبما أن أعماله الذهبية معروضة على واجهة قصر مالميزون وعلى بوليفارد لا كروازيت بالقرب من قصر المهرجانات، فهو أيضاً إيماءة لنجوم السينما (الـ "ستارز").
تم تصميم مسار المعرض في مالميزون ليتناغم مع البحر الأبيض المتوسط. فقد قام أوتونييل بتبليط الطابق الأرضي بآجر أزرق لاستحضار بحر هادئ، بينما خصص الطابق العلوي للنافورات واللوحات والرسومات التي تدور حول هوسه بالذهب، خالقاً "أبجدية ذهبية في المشهد الطبيعي".
"الكون" في أفينيون: كوكبة فنية حول قصر الباباوات
في أفينيون، يتكشف معرض "كون أوتونييل" ككوكبة فنية حول قصر الباباوات التاريخي. يربط هذا المشروع بين الفضاء النجمي وشعر بترارك. ويشغل أوتونييل خمس عشرة قاعة من هذا الصرح القوطي، بعضها يرتفع إلى 19 متراً، عارضاً 240 عملاً، منها 160 عملاً جديداً في فرنسا، موزعة على عشرة مواقع في المدينة.
ويؤكد أوتونييل أن عملية نفخ الأشكال الزجاجية التي يتخيلها تتطلب "فنانين عباقرة" يبحث عنهم في جميع أنحاء العالم، مشيراً إلى أن إتقان فن نفخ الزجاج يتطلب خمسة وعشرين عاماً من التعلم. وقد بدأ اهتمامه بالزجاج بعد رحلة إلى جزر إيولايان الصقلية في عام 1992، وتحديداً جزيرة فولكانو البركانية، وهي نفس الجزر التي صور فيها روبرتو روسيليني فيلمه الشهير "سترومبولي".
على الرغم من كونه نحاتاً، يشدد أوتونييل على أهمية الرسم، الذي يمثل نقطة الانطلاق لجميع مشاريعه، مؤكداً أنه لا يقوم بنفخ الزجاج بنفسه، بل يعتمد على أمهر الحرفيين في العالم.