في إطار الدورة العاشرة لملتقى موناكو الفلسفي، سلطت المحللة النفسية والبروفيسورة في طب نفس الأطفال والمراهقين، ماري روز مورو، الضوء على مرحلة المراهقة المعقدة، مشيرة إلى التناقض العميق في نظرة المجتمع الغربي لهذه المرحلة العمرية التي تجمع بين الانبهار والقلق.

وتؤكد مورو، التي تدير «دار سولين للمراهقين» في باريس، أن العلاقة بين الآباء والمراهقين غالباً ما تشوبها خيبة الأمل بسبب سقف التوقعات المرتفع جداً. وتقول: «ننتظر الكثير من مراهقينا، ولذلك فمن المحتم أن يخيبوا آمالنا. هذه ملاحظة يومية في استشاراتي مع الشباب وأسرهم، بغض النظر عن خلفياتهم». هذه التوقعات الهائلة تدفع المراهقين إلى الشعور بالعبء وعدم القدرة على تلبية المعايير المفروضة.

الجسد كمرآة للألم النفسي

تشير البروفيسورة مورو إلى أن المعاناة النفسية للمراهقين اليوم تتجلى بشكل متزايد عبر الجسد، في ظاهرة وصفتها بـ «التخريب الذاتي» للطاقة الحيوية والرغبات. ومن أبرز أشكال هذه المعاناة التي يتم التعامل معها في العيادات:

• اضطرابات الأكل: مثل فقدان الشهية العصبي (الأنوركسيا) أو الشره المرضي (البوليميا)، أو السمنة المفرطة.
• إيذاء الذات: محاولات تشويه الجسد أو إلحاق الضرر بسلامته الجسدية، وهو تعبير عن ألم نفسي عميق.
• السلوكيات الخطرة: مثل القيادة المتهورة، أو تعاطي المخدرات والمواد السامة، والتي تمثل سعياً محمومًا وراء الإحساس أو محاولة لتخدير الألم النفسي.

وتشدد مورو على أن محاولات الانتحار بين المراهقين لا تزال تشكل أزمة مستمرة، وهي أعمال مأساوية تهاجم المستقبل وتهدد الروابط الاجتماعية. وتدعو إلى رؤية هذه الأجساد المتضررة والمهانة كصرخة للمساعدة، ومطالبة بالبقاء سليمين وقادرين على الصمود. وتختتم بالقول إن جوهر الرعاية المقدمة للمراهقين يكمن في مساعدتهم على استعادة سلامتهم الجسدية والنفسية.

تجدر الإشارة إلى أن ماري روز مورو هي أستاذة في جامعة باريس سيتي ورئيسة قسم في مستشفى كوشين، وهي مؤلفة لعدة كتب حول رعاية المراهقين، بما في ذلك كتاب «ماذا لو أحببنا مراهقينا؟».