منذ تبني القانون الذي يسمح بالطلاق بالتراضي دون الحاجة إلى المرور أمام قاضٍ، شهدت الساحة القانونية ظهور عدد متزايد من المنصات الإلكترونية التي تَعِد بإنهاء إجراءات الزواج بتكلفة منخفضة وفي وقت قياسي. هذه الخدمات، التي تُسوّق تحت شعارات جذابة مثل "الطلاق الهادئ يبدأ من 169 يورو للزوجين"، تهدف إلى تبسيط عملية الانفصال وجعلها في متناول الجميع.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: ما مدى موثوقية هذه المنصات الرقمية الوليدة؟

الوعود مقابل الواقع القانوني

في فرنسا، منذ الأول من يناير 2017، أصبح الطلاق بالتراضي ممكناً دون تدخل قضائي، شريطة أن يتفق الطرفان على جميع شروط الانفصال. الشرط القانوني الوحيد هو إلزامية وجود محامٍ لكل طرف عند توقيع اتفاقية الطلاق. تستغل منصات مثل "WeDivorce" و"Amiable-Divorce" هذا الإطار القانوني لتقديم ما يمكن وصفه بأنه "خدمة منخفضة التكلفة" (Low-Cost).

تعتمد هذه المنصات على أتمتة إعداد الوثائق القانونية، مما يقلل من الوقت الذي يقضيه المحامون في المهام الروتينية، وبالتالي خفض التكلفة النهائية على الزوجين. ومع ذلك، فإن هذه البساطة الظاهرة تخفي وراءها تعقيدات محتملة.

تضارب آراء المستخدمين

تتضارب آراء المستخدمين حول فعالية هذه الخدمات بشكل كبير. فبينما يصفها البعض بأنها "خدمة بسيطة وعملية" و"فعالة للغاية"، يصفها آخرون بأنها "تجربة مؤلمة" وينصحون بـ"الفرار من هذه المنصة". هذا التباين في التقييمات يشير إلى أن جودة الخدمة قد تعتمد بشكل كبير على مدى بساطة حالة الطلاق نفسها.

• الحالات البسيطة: الأزواج الذين ليس لديهم أطفال قُصّر أو أصول مالية معقدة يجدون هذه المنصات خياراً سريعاً وموفراً.
• الحالات المعقدة: عندما يتعلق الأمر بحضانة الأطفال، أو تقسيم ممتلكات كبيرة، أو وجود ديون مشتركة، فإن الاعتماد على خدمة آلية قد يؤدي إلى أخطاء أو إغفال تفاصيل حاسمة تتطلب مشورة قانونية شخصية ومكثفة.

تحذيرات الخبراء القانونيين

يحذر الخبراء القانونيون من أن السعر المنخفض غالباً ما يعني الحد الأدنى من التفاعل البشري والمشورة المخصصة. في حين أن المنصة قد توفر النماذج، فإنها لا يمكن أن تحل محل الخبرة القانونية للمحامي في التفاوض على أفضل الشروط للعميل. إن توفير بضعة مئات من اليوروهات في البداية قد يكلف الزوجين آلافاً لاحقاً إذا كانت الاتفاقية غير مكتملة أو غير عادلة.

في الختام، توفر منصات الطلاق عبر الإنترنت حلاً جذاباً من حيث التكلفة والسرعة، خاصة للحالات الواضحة والمباشرة. ولكن بالنسبة لأي انفصال ينطوي على تعقيدات مالية أو أسرية، يظل اللجوء إلى محامٍ تقليدي يقدم استشارة شاملة هو الخيار الأكثر أماناً لضمان حماية جميع الحقوق.