«مبدأ القطرس»: عالمة بيئة فرنسية تستلهم من الطائر البحري دروساً في الصمود والتكيف مع الأزمة العالمية

«مبدأ القطرس»: عالمة بيئة فرنسية تستلهم من الطائر البحري دروساً في الصمود والتكيف مع الأزمة العالمية

في كلمات قليلة

تستعرض عالمة البيئة الفرنسية ديبورا باردو في كتابها الجديد «نشر الحياة مثل القطرس» كيف يمكن للبشرية أن تستلهم من قدرة الطائر البحري العملاق على التكيف مع أصعب الظروف لمواجهة الأزمات العالمية المتزايدة. وتدعو إلى تبني مبادئ البساطة، والفضول، والذكاء الجماعي كطريق للنجاة من التدهور البيئي.


في زمن تتسارع فيه الأزمات البيئية والاقتصادية والاجتماعية، تقدم الدكتورة ديبورا باردو، المتخصصة في علم بيئة السكان وعضو جمعية المستكشفين الفرنسيين، نموذجاً فريداً للتكيف والصمود مستوحى من أكبر الطيور البحرية: طائر القطرس.

في كتابها العلمي والسير ذاتي «نشر الحياة مثل القطرس»، تسلط باردو الضوء على قدرة هذا الطائر المهدد بالانقراض بسبب الاحترار العالمي والصيد الجائر والتلوث البلاستيكي، على مواجهة أعتى الظروف. وتدعو إلى استخلاص «دروس في البيئة الإيجابية» لمواجهة ما تسميه «الأزمة المتعددة» (Polycrisis) التي تعصف بالكوكب.

القطرس: دليل البقاء في أصعب الظروف

يقضي القطرس، الذي يصل طول جناحيه إلى 3.7 متر، 80% من حياته في عرض البحر، وتحديداً في المياه الأكثر قسوة حول القطب الجنوبي والمحيط الجنوبي. وقد طور هذا الطائر العملاق تقنية طيران انزلاقي ديناميكي تسمح له بالاستفادة من الرياح العاتية التي تزيد سرعتها عن 55 عقدة، مما يقلل من استهلاكه للطاقة بشكل كبير. وتستخلص باردو من هذا التكيف دروساً حياتية:

  • مواجهة الريح. يحلق القطرس في مواجهة الريح، وهذا التحدي هو ما يمنحه سرعته وقوته. وتؤكد باردو أن مجتمعنا أصبح «يعاني من حساسية تجاه الخطر ومهووساً بالسيطرة»، بينما الذهاب ضد التيار يمنح قوة لا يمكن تعويضها.
  • العودة إلى الجوهر. يطبق القطرس «مبدأ الاقتصاد في الحياة». تقول باردو: «عندما يجوع، يأكل. وعندما لا يعود شريكه مناسباً، يطير بعيداً». هذا المبدأ يدعو البشر إلى التباطؤ، والاستماع إلى إشارات الجسد، والتخلي عن الهوس بالاستهلاك المفرط والتراكم المادي، والتركيز على التعاون بدلاً من المنافسة.
  • فضول البقاء. يعتمد القطرس على حواسه وفضوله لتحديد متى يهبط على سطح الماء للبحث عن طعامه (الحبار عادةً)، حيث يمكنه الغوص حتى 19 متراً. وتشدد باردو على أن الفضول شرط أساسي للتقدم، لكن يجب إعادة توجيه الاستكشاف البشري ليصبح مدفوعاً بالرغبة في المعرفة وفهم أسرار العالم، وليس بدافع رأسمالي أو استعماري.

الذكاء الجماعي لمواجهة الانقراض

تحذر الدكتورة باردو من أن القطرس هو أحد أكثر أنواع الطيور المهددة بالانقراض بسبب خمسة عوامل رئيسية تؤثر على التنوع البيولوجي: تغير المناخ، التلوث المتعدد المصادر (بما في ذلك البلاستيك والمعادن الثقيلة)، تدهور الموائل، الاستغلال المفرط، وإدخال الأنواع الغازية. وتشير إلى أن الصيد الصناعي يودي بحياة مئات الآلاف من هذه الطيور سنوياً.

وتختتم باردو بالقول إن بقاء القطرس مرتبط ببقاء جميع الكائنات، وأن التحديات الحالية تتطلب «ذكاءً جماعياً» وتضافر الجهود بين الثقافات والأجيال والتخصصات. وتدعو إلى التوقف عن إنكار خطورة الوضع والعمل معاً لإيجاد حلول لنظام عالمي يواجه الانهيار. وتلخص رسالتها بعبارة: «من الضروري الإبطاء، ومن الحيوي أن نندهش بجمال العالم».

نبذة عن المؤلف

يوري - صحفي متخصص في قضايا الأمن والدفاع في فرنسا. تتميز مواده بالتحليل العميق للوضع العسكري والسياسي والقرارات الاستراتيجية.