الفيلسوفة إلسا غودار تحذر: الثمن الخفي للأمومة الحديثة ودعوة لـ "ثورة الأمهات"

الفيلسوفة إلسا غودار تحذر: الثمن الخفي للأمومة الحديثة ودعوة لـ "ثورة الأمهات"

في كلمات قليلة

تطالب الفيلسوفة إلسا غودار بـ "ثورة الأمهات" لإنهاء حالة الاستلاب والإرهاق التي تعيشها الأمهات المعاصرات بسبب الضغوط الاجتماعية والاقتصادية. وتدعو إلى تغيير جذري في نظرة المجتمع لدور الأم، واعتباره عملاً سياسياً واجتماعياً يستحق التقدير والدعم المادي والمعنوي، خاصة عبر توفير مرونة في العمل ووقف التقييم المفرط.


في كتابها الجديد «إنجاب نجمة راقصة» (Enfanter une étoile qui danse)، تتناول الفيلسوفة والمحللة النفسية إلسا غودار موضوعاً لا يزال من المحرمات الاجتماعية: واقع الأمومة المعاصرة وما يحيط بها من استلاب وإرهاق يومي. تدعو غودار إلى ثورة اجتماعية وسياسية تهدف إلى منح الأمهات مزيداً من التقدير والدعم لدورهن المحوري في تربية جيل المستقبل.

تصف غودار الأمومة بأنها «مهمة يومية شاقة، تتطلب العمل المتواصل لحمل حياة إلى أوجها. لتحويل طفل يبلغ طوله 53 سم إلى إنسان حر وكريم، قادر على التحليق والإبداع على حد سواء».

تكلفة الأمومة غير المرئية

تتساءل الكاتبة عن «تكلفة الأمومة»، مشيرة إلى أن هذا الموضوع نادراً ما تتحدث عنه النساء علناً، خوفاً من النظرة الاجتماعية المتطلبة والمُشعرة بالذنب. وتؤكد غودار أن كل أم تعرف تماماً الثمن الباهظ ليوم واحد، من استيقاظ الأطفال حتى نومهم. فالأم تجد نفسها في سباق لا ينتهي، تضاف إليه مسؤوليات العمل المهني.

تتضمن قائمة المهام اليومية غير المرئية ما يلي:

  • متابعة الطقس لاختيار ملابس الأطفال.
  • تأمين وجبات عشاء متوازنة يومياً.
  • مراقبة الواجبات المدرسية والاستماع إلى تفاصيل يومهم.
  • تنظيم الإجازات والأنشطة وحفلات أعياد الميلاد وشراء الهدايا والملابس.
  • تحديد مواعيد الأطباء والمشاركة في الأنشطة المدرسية.

ترى غودار أن هذا الإيقاع اليومي المرهق هو نتاج أيديولوجية الحداثة المفرطة والرأسمالية النيوليبرالية، التي تسعى لتحويلنا إلى «آلات إنتاجية» في سباق مع الزمن. لقد روج المجتمع لفكرة أن المرأة يمكنها أن تحقق النجاح المهني والأمومة والحياة الجنسية المُرضية في آن واحد. لكن الواقع يظهر أنهن يجمعن بين قيود الحرية التي اكتسبنها بشق الأنفس وقيود الأمومة، مما يضعهن في حالة فشل مستمر أمام التوقعات المتناقضة.

الاستلاب والسيطرة الأبوية

تذهب غودار إلى حد وصف هذه الحالة بـ «الاستلاب»، حيث يؤدي هذا الضغط المتواصل إلى عدم القدرة على استعادة الذات والتطور الداخلي. وتعتبر أن هذا الوضع ليس وليد الصدفة، بل هو وسيلة وجدتها المنظومة الأبوية للسيطرة على النساء وجعلهن أكثر طواعية. فالإرهاق النفسي يحول المرأة إلى «آلة مكرسة للإنتاج والقيود»، مما يعيق قدرتها على بناء فكر معقد أو تحقيق الذات.

مطلب «حق الأمهات في حياة كريمة»

تدعو الفيلسوفة إلى «نسوية شرط الأمومة»، التي تجعل من الأم موضوعاً سياسياً، وتغير نظرة المجتمع لدورها. وتشدد على ضرورة الاستماع إلى شكوى الأمهات باعتبارها «آخر لحظة قبل الصمت». ولتحقيق ذلك، تقترح غودار:

  • تطبيق إجراءات في بيئة العمل تمنع تدهور المسيرة المهنية أو خسارة المال بعد الأمومة.
  • توفير أنماط رعاية مرنة للأطفال وساعات عمل مرنة حتى سن العاشرة للطفل الأصغر.
  • الخروج من دائرة الشعور بالذنب الاجتماعي والتوقف عن «التقييم المفرط» المستمر.

في الختام، تؤكد غودار أن الأمومة هي قوة عظمى وحرية كامنة. فالقدرة على إنجاب «نجمة راقصة» — أي خلق لحظات غير متوقعة تكسر روتين الحياة اليومية — هي فعل مقاومة اجتماعية وانتصار للأم على فوضى العالم.

نبذة عن المؤلف

إيلينا - صحفية تحقيقات ذات خبرة، متخصصة في المواضيع السياسية والاجتماعية في فرنسا. تتميز تقاريرها بالتحليل العميق والتغطية الموضوعية لأهم الأحداث في الحياة الفرنسية.