
في كلمات قليلة
يقدم فيلم «فانون» للمخرج جان-كلود بارني صورة سينمائية مؤثرة للطبيب النفسي والمفكر المناهض للاستعمار فرانز فانون، مركزاً على تجربته في الجزائر خلال فترة النضال من أجل الاستقلال، وارتباط عمله كطبيب نفسي بقناعاته السياسية ضد الاستعمار والعنصرية.
فيلم «فانون» للمخرج جان-كلود بارني، الذي يُعرض في الصالات ابتداءً من 2 أبريل، يقدم لقاءً حميمياً مع شخصية الطبيب النفسي المناهض للاستعمار، فرانز فانون. في عام 1953، يصل فانون (ألكسندر بوير) إلى الجزائر، التي كانت آنذاك مستعمرة فرنسية. تم تعيينه للتو طبيباً رئيساً في مستشفى الأمراض النفسية في البليدة-جوانفيل. برفقة زوجته جوزي (ديبورا فرانسوا)، يستقبله واقع العنصرية اليومية عند وصوله إلى مسكنه الجديد. حارس المكان لا يتخيل، عند رؤية هذا الرجل الأسود، أنه رئيسه المستقبلي. نفس السيناريو يتكرر عندما يصل إلى القسم الذي أصبح مسؤولاً عنه.
من خلال هذين المشهدين الافتتاحيين للفيلم، يستخدم بارني تجربة فانون الشخصية كمدخل للموضوع. أول إجراء يتخذه الطبيب هو تحرير المرضى الجزائريين المحتجزين، على عكس الفرنسيين، بسبب هذه العنصرية المتأصلة في الاستعمار. أساليبه الجديدة تزعج البعض. فانون، كرجل أسود فكك نفسية المستعمِر أو الأبيض المهيمن، يتجنب الرد على الاستفزازات في الإطار المهني والخاص.
بهذا الخيار الإخراجي، يسلط المخرج الضوء أيضاً على ما يميز فانون بالنسبة لأولئك الذين درسوه: ربط العمل بالتفكير في الآليات المجتمعية للاستعمار، والعنصرية، والعلاقة بين السود والبيض من منظور كاريبي، وكذلك إنهاء الاستعمار. أصبح هذا النهج ممكناً بفضل وجوده في الجزائر حيث كان يتنظم النضال من أجل الاستقلال بقيادة جبهة التحرير الوطني (FLN). ينضم فرانز فانون بشكل طبيعي إلى الحركة للمساهمة في «تفجير» العالم الاستعماري.
يتم سرد قصة مؤلف كتب «بشرة سوداء، أقنعة بيضاء»، «العام الخامس للثورة الجزائرية»، و«معذبو الأرض» من خلال ارتباطه العميق بالجزائر، التي حصل على جنسيتها وطلب أن يُدفن فيها بعد وفاته في 6 ديسمبر 1961. مع فيلم «فانون»، يقدم جان-كلود بارني وثيقة تعليمية جديدة عن رجل تم محوه لعقود من التاريخ الفرنسي لارتباطه بـحرب الجزائر.
في كواليس الطب النفسي الاستعماري
السرد زمني بشكل عام ولكنه يتغذى ببعض لقطات الـ«فلاش باك». وفانون يخاطب المتفرج مباشرة في بعض الأحيان. تتناقض الألوان الداكنة للصورة مع اللون الأحمر الذي يملأ أحياناً ذاكرة الطبيب النفسي، وبالتالي الشاشة. يتم تعزيز برودة الصورة بموسيقى تصويرية مؤثرة من تأليف تيبو كينتز-أجيمان ولودوفيك لويس. في قلب هذا التكوين، يتألق ألكسندر بوير، لامعاً ومُلهَماً في تجسيد شخصية فانون. المخرج جان-كلود بارني، المُلهَم أيضاً، يقدم مدخلاً جميلاً لحياة ومُثُل المفكر الفرنسي من خلال فترته الجزائرية وممارسته الطبية.
في الجزائر المستعمرة، العنف لا يرحم أحداً. إنه ينتج اضطرابات نفسية لدى الجلادين وضحاياهم على حد سواء. يذكر الفيلم بمدى راهنية أطروحات فانون فيما يتعلق بالآليات التي ينتشر بها العنف في المجتمع. عنف المستعمِر تجاه المستعمَر يؤدي أولاً إلى عنف بين المستعمَرين، يذكر فانون. هذا النهج يفسر تقريباً الصراعات الداخلية على السلطة التي شهدتها الجزائر في طريقها إلى الاستقلال. كما أن المستعمرات الفرنسية جنوب الصحراء لن تسلم منها هي الأخرى عند استقلالها. موضوع آخر ذو راهنية: نزع الإنسانية، المُمَنهج في الجزائر الفرنسية، يشكل المستوى الأول لإخضاع الأشخاص المستهدفين والقضاء عليهم لاحقاً. لا تزال هذه الممارسة قائمة في عدة مناطق من العالم.
ملصق فيلم «فانون».
بطاقة الفيلم
- النوع: سيرة ذاتية
- المخرج: جان-كلود بارني
- بطولة: ألكسندر بوير، ديبورا فرانسوا، مهدي سنوسي، ستانيسلاس ميرهار
- البلد: كندا، لوكسمبورغ، فرنسا
- المدة: 2 ساعة و 13 دقيقة
- تاريخ الإصدار: 2 أبريل 2025
- الموزع: Eurozoom
- ملخص: فرانز فانون، طبيب نفسي فرنسي من المارتينيك، يُعين رئيساً لقسم في مستشفى الأمراض النفسية بالبليدة في الجزائر. تتناقض أساليبه مع أساليب الأطباء الآخرين في سياق الاستعمار. فيلم سيرة ذاتية في قلب حرب الجزائر حيث تدور رحى معركة باسم الإنسانية.