
في كلمات قليلة
تقدم هذه المقالة رؤى علمية حول كيفية الحفاظ على الصحة من خلال التغذية السليمة. تستعرض الأدلة القوية ضد الإفراط في استهلاك اللحوم الحمراء والسكريات والأطعمة فائقة المعالجة، بينما تؤكد على أهمية الألياف والدهون الصحية وحمية البحر الأبيض المتوسط. كما تناقش الأبحاث الجديدة حول الميكروبيوم المعوي والتوقيت الغذائي، وتقدم دليلاً عملياً لتحسين عادات الأكل.
كيف يجب أن نأكل لنحافظ على صحتنا؟ على الأرجح، عكس نظامنا الغذائي الغربي الغني بالسكريات واللحوم والفقير بالألياف. نحن نأكل بشكل سيء، ولكن اللوم لا يقع علينا وحدنا. فالأسباب متعددة، بدءًا من الإعلانات التي تشجع على استهلاك الوجبات السريعة، وصولًا إلى وتيرة حياتنا المتسارعة وتقاعس السلطات. توضح إيرين مارغاريتيس، نائبة مدير تقييم المخاطر في الوكالة الوطنية الفرنسية لسلامة الأغذية والبيئة والعمل (Anses): "عندما تدخل إلى سوبر ماركت، تحتاج إلى إرادة حديدية لتجنب كل ما يمكن أن يضر بصحتك".
ومع ذلك، لا يزال المجتمع العلمي متفائلاً. ففوائد النظام الغذائي الصحي عديدة: تقليل مخاطر السمنة والسرطان والسكري وأمراض القلب والأوعية الدموية، بالإضافة إلى تحسين جودة النوم والذاكرة.
اللحوم والسكر: ضرر مؤكد
البيانات العلمية في مجال التغذية قوية، وبعض الحقائق لم تعد محل جدال بفضل مجموعة كبيرة من الدراسات الموثوقة. الحقيقة الأولى المؤكدة: الاستهلاك المفرط للحوم الحمراء (لحم البقر، العجل، الضأن، الماعز) واللحوم المصنعة ضار بالصحة. فهو يزيد بشكل خاص من خطر الإصابة بسرطان القولون والثدي. الأرقام واضحة: زيادة بنسبة 29% في خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم لكل 100 غرام من اللحوم الحمراء يوميًا، وزيادة بنسبة 21% لكل 50 غرامًا من اللحوم المصنعة، وفقًا لتقديرات الخبراء الذين يوصون بألا تتجاوز كمية اللحوم الحمراء 500 غرام أسبوعيًا.
الحقيقة الثانية المثبتة: يجب مكافحة المشروبات السكرية. تقول إيرين مارغاريتيس: "إنها كارثية، بما في ذلك عصائر الفاكهة، لأنه حتى لو كانت تحتوي على فيتامينات، فهي مليئة بالسكر. الآلية خطيرة: عندما تشرب، لا يرسل الدماغ أي إشارة شبع، ويضاف هذا السكر إلى ما يتم استهلاكه في صورة صلبة". يمكن أن يؤدي ذلك إلى فائض في السعرات الحرارية، وارتفاع حاد في نسبة السكر في الدم والإنسولين، وحتى مقاومة الإنسولين التي تؤدي إلى مرض السكري من النوع الثاني.
الأطعمة فائقة المعالجة: العدو الجديد
حدد العلماء أيضًا عدوًا جديدًا: الأطعمة فائقة المعالجة (UPFs). تمثل هذه المنتجات الصناعية 34% من إجمالي السعرات الحرارية التي يستهلكها البالغون و46% لدى الأطفال في فرنسا. أظهرت مراجعة شاملة للدراسات شملت أكثر من 9.5 مليون شخص أن الأطعمة فائقة المعالجة تزيد من خطر الإصابة بـ 32 مرضًا واضطرابًا صحيًا، بما في ذلك أمراض القلب والأوعية الدموية (+50%)، والسكري من النوع الثاني (+12%)، والقلق (+48%).
في انتظار قيام السلطات بتنظيم هذه المنتجات، لا يزال من الصعب التعرف عليها. "الصناعة لا تسهل علينا الأمر، ولكن هناك حيلة مثبتة علميًا: إذا كان المنتج يحتوي على أكثر من خمسة مكونات، فهناك احتمال كبير بأنه فائق المعالجة"، يكشف الباحث أنتوني فارديت.
ثورات علمية جارية: الميكروبيوم والتوقيت الغذائي
إلى جانب هذه الحقائق، تظهر أبحاث جديدة، مثل تلك المتعلقة بالميكروبيوم المعوي، وهو نظام بيئي من مليارات البكتيريا التي تسكن أمعاءنا وتقدم لنا خدمات أساسية. تتغذى هذه البكتيريا على الألياف، لذا من الضروري تزويدها بتنوع كبير: ألياف من الفواكه والخضروات، الحبوب الكاملة، والخبز الكامل. في المقابل، تنتج جزيئات مفيدة تسمى الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة التي تحمي جدار الأمعاء وتلعب دورًا وقائيًا ضد السرطان.
علم الأحياء الزمني الغذائي هو مجال بحثي واعد آخر. أظهرت دراسة شملت أكثر من 100,000 مشارك أنه من الأفضل تناول وجبة الإفطار قبل الساعة 8 صباحًا والعشاء قبل الساعة 8 مساءً. تناول الغداء متأخرًا يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، بينما يزيد تناول العشاء بعد الساعة 9 مساءً من خطر الإصابة بأمراض الأوعية الدموية الدماغية مثل السكتات الدماغية.
دليل الأكل الصحي
إذًا، كيف نأكل بشكل صحي؟ النصيحة الأولى: تناول المزيد من الألياف! المتوسط الموصى به هو 30 جرامًا على الأقل يوميًا. الخضروات والفواكه والبقوليات والحبوب الكاملة والمعكرونة والخبز والأرز الأسمر: التنوع هو المفتاح. يوصي بعض العلماء بتناول 30 نوعًا مختلفًا من النباتات أسبوعيًا. أضف نصف طبق من الخضار وفاكهة في كل وجبة.
تشير الأبحاث أيضًا إلى تفضيل الأغذية العضوية لتقليل التعرض لمبيدات الآفات. كما يجب أن تحتل "الدهون الجيدة" مكانة بارزة. يوصى باستهلاك 35-40% من السعرات الحرارية اليومية على شكل دهون، مع تفضيل الزيوت النباتية الغنية بالأوميغا 3، مثل زيت الجوز وزيت الكانولا وزيت الزيتون البكر الممتاز.
حمية البحر الأبيض المتوسط: المرجع المطلق
لتطبيق كل هذه التوصيات، يوجد حل مثالي: حمية البحر الأبيض المتوسط. تتميز باستخدام زيت الزيتون كمصدر رئيسي للدهون، ووفرة الفواكه والخضروات والبقوليات والحبوب، واستهلاك معتدل لمنتجات الألبان والبيض والمكسرات، واستهلاك محدود للأسماك واللحوم بشكل نادر جدًا. أظهرت دراسة واسعة النطاق انخفاضًا بنسبة 30% في خطر الإصابة بالنوبات القلبية أو السكتات الدماغية لدى أولئك الذين يتبعون هذا النظام الغذائي.
الأكل الصحي وفقًا للعلم ليس ثوريًا. إنه يتعلق بالعودة إلى أساسيات نظام غذائي بسيط ومتنوع وغير معالج. المشكلة تكمن في أن المسؤولية ليست فردية فقط، بل جماعية وتجارية وحكومية. هناك حاجة إلى تدابير هيكلية، مثل تنظيم التسويق وفرض ضرائب على الأطعمة غير الصحية ودعم الأطعمة الصحية لجعلها في متناول الجميع.